24-10-2014

الصورة المتبادلة!!

كنت قد قرأت كتاب «المملكة من الداخل: تاريخ السعودية الحديث» لـ(روبرت ليسي)، وقد غردت عنه بتعليقات في حسابي بتويتر. أنهيتها بالقول: ان الكتاب وهو موجه في المقام الأول للقارئ الأمريكي، فإنه يقع في فخ الصورة النمطية التي ترسمها وسائل الاعلام الأمريكية عن المجتمع السعودي، كما هو حال كثير من الكتب التي تتعرض للشأن السعودي بتقاطعاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ثم عدت للتفكير مرة أخرى في الموضوع نفسه، أي الصورة النمطية التي ترسم عن بلد ما، أي بلد، وكيف تبقى في الذاكرة الجمعية رغم تطور وسائل الاتصال، وسرعة الوصول لأي معلومة في أي قطاع أو مجال.

في السعودية مثلا لا يزال هناك من يصف «الغرب» في كتاباته أو حواراته ككتلة واحدة متشابهة الصفات كحضارة وثقافة واحدة، وهذا «الغرب» الذي يرمز للحضارة الرأسمالية يشمل لغات وثقافات وديانات مختلفة لا يمكن أن تضعها جميعا في سلة واحدة وتقول هذه الثقافة الغربية مثلا!

بالطبع الصورة النمطية توفر خياراً سهلاً لمن يريد أن يروج لفكرة معينة، وتكون سهلة القبول والاستيعاب للجمهور بمختلف شرائحه. مثلا في بعض وسائل الإعلام الأمريكية يروج لمفهوم «الاسلامفوبيا» لتمرير فكرة أن مشكلة الإرهاب ليست في الفكر الذي تعتنقه الجماعات المتشددة بل في الإسلام ذاته كديانة تقر الارهاب!

في المقابل، تمارس في الذهنية السعودية إسقاطات بشعة لحضارات ذات إرث تاريخي، ألم تلاحظ المشهد بين سعوديين إذا اتهم أحدهما الآخر بالغباء يجيبه بالتعالي: «ليه.. شايفني هـ..»! ولا داعي لإكمال الكلمة لأنها معروفة!

وأتذكر هنا ملاحظة كنت قد سجلتها في فترة عشت بها في الولايات المتحدة، إذ كنت أكون في موضع التساؤل عن الإسلام وعلاقته بالارهاب إذا كان محدثي من ذوي البشرة البيضاء، في حين لا أجدها في الأمريكيين ذوي الأصول الآسيوية أو من أمريكا الجنوبية!

هذا مثال بسيط لضحايا الصورة النمطية التي تكرسها وسائل الإعلام، وإذا كنا نحن ضحايا لهذه الصورة، فإننا للأسف نمارسها أيضا ضد مجتمعات أخرى نرى أننا متفوقون عليها، والحقيقة أننا في مقياس العمل والإنتاج نعد مستهلكين فقط للبضائع التي تنتجها هذه المجتمعات!

Tmadi777@hotmail.com

@almadi_turki

مقالات أخرى للكاتب