01-11-2014

غموض العمالة المنزلية!

منذ سنوات طويلة، تزيد عن سبع سنوات، تم إيقاف استقدام العمالة المنزلية من إندونسيا، حيث انفرطت حالات التلاعب من مكاتب الاستقدام بالذات في إندونيسيا، وانكشفت حالات نصب وتزوير، فضلا عن تكدس الطلبات هناك، إضافة إلى قضايا أخرى تتعلق بإعدام خادمة قاتلة، مما جعل الإعلام والبرلمان هناك يضخّم هذه القضية، فضلا عن مشاكل هروب الخادمات من المنازل، دون ضمان أي حقوق للمواطن وغيرها من المشاكل التي لا نهاية لها.

بعد هذا الإيقاف بدأت تصريحات من وزارة العمل، ومن لجنة الاستقدام، بأنه سيتم وضع عقد موحد للعمالة المنزلية، وسيتم الاستقدام من دول أخرى، مثل كينيا وأثيوبيا وفيتنام والهند و... إلخ. لكن ما حدث فعلا أنه تم خلق سوق سوداء علنية للتجارة، وبدأ الباعة والمنتفعون بعرض أسعار للخادمات وصلت إلى أكثر من 35 ألف ريال في بعض الحالات!

وفي كل مرة يظهر رئيس لجنة الاستقدام بأنه تم الاتفاق مع الجانب الإندونيسي، تم الاتفاق مع الجانب الهندي، تم الاتفاق مع الجانب الفيتنامي، تم الاتفاق مع الجانب الموزمبيقي ... إلخ، ولو تفرغ أحد الباحثين للنظر في هذه التصريحات لوجد عشرات، بل مئات التصريحات المجانية منذ نشوء أزمة العمالة المنزلية، بينما الوضع لم يزل كما هو، تجارة رائجة تمارسها مكاتب الاستقدام علناً، ويتم نشر التنازل في الإعلانات المبوبة لمعظم الصحف المحلية!

ولو سألنا سؤالا بريئا، للوصول إلى جذر المشكلة، من المستفيد مما يحدث في هذه السوق السوداء؟ هل هم مكاتب الاستقدام؟ بالطبع لا، كما ينفي كثير من المكاتب الشهيرة، لأن أعمالهم انخفضت كثيرا، بل أحد أبرز المكاتب القديمة، يقول بأن استقدام العمالة المنزلية لديه اقتصر على السائقين من الهند فحسب!

ومنذ ظهور هذه الأزمة، أصبح الاستقدام حتى من الدول المتاحة يستغرق مدداً تصل أحيانا إلى ما يقارب السنة الواحدة، بينما في دول خليجية مجاورة، لا يستغرق الأمر أكثر من شهر تقريباً، في ظاهرة غريبة يصعب تفسيرها!

ومع كل هذه التصريحات، ظن البعض أن الهدف من خلق هذه الأزمة، هو التمهيد لنشأة شركات عملاقة تؤجر العمالة للمواطنين، بشكل يومي أو شهري، ويتخفف المواطن من عبء دور الكفيل، بحيث هذه الشركات هي الكفيل للعمالة المنزلية، وهي من يتحمل سكنها وعلاجها والتأمين عليها، وحتى هروبها لا سمح الله، فاستبشر المواطنون بالرغم من تسريب مبالغ عالية للاستخدام الشهري، ومع ذلك لم تنجح الطريقة، ولم تلغِ السوق السوداء للعمالة، والمتاجرة الصريحة بالبشر!

السؤال الأهم، لماذا العمالة في الشركات المختلفة، وفي قطاع الأعمال تسير بشكل جيد، ولا يوجد فيها سوق سوداء، بينما ظهرت تلك في العمالة المنزلية فحسب؟ رغم أن البلد واحد والقوانين واحدة؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات ممن يمتلكون إجابة واضحة، بعيدا عن لجنة الاستقدام الغامضة!

مقالات أخرى للكاتب