Saturday 01/11/2014 Issue 15374 السبت 08 محرم 1436 العدد
01-11-2014

هل تفعلها أمريكا؟

لن تكون الولايات المتحدة الأمريكية راضية على الاعتراف السويدي بالدولة الفلسطينية، ولا عن تحركات قد تفضي إلى اعترافات من دول أخرى تسير في هذا الاتجاه، ولو كان مثل هذا القرار الشجاع الذي أفصحت عنه هذه الدولة الإسكندنافية يخضع للتصويت في مجلس الأمن لسارعت أمريكا، بكل تأكيد لاستخدام حق النقض (الفيتو)؛ لتمنع تمريره والموافقة عليه، كعادتها مع كل قرار يمس التوجه الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية في التعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني، وفي طليعتها حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف على كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عدوانها عام 1967م.

***

أمريكا تفرض طوقاً على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ زمن، محتكرة تبنيها لحل الدولتين الذي لن يأتي، ومنفردة برعاية مباحثات السلام المتعثرة بين الجانبين، دون أن تسمح لأطراف أخرى في مشاركتها بأفكار ورؤى أخرى للوصول إلى حل لهذه القضية، فيما أن السجون الإسرائيلية ملأى بآلاف الفلسطينيين والفلسطينيات، والقتلى والجرحى بازدياد بين أفراد هذا الشعب المغلوب على أمره، وممارسة القبضة الحديدية من الجانب الإسرائيلي مستمرة على كل مظهر من مظاهر التذمر الفلسطيني لإظهار الاحتجاج على التهويد المستمر في الأراضي الفلسطينية، كل ذلك وأمريكا بلا موقف واضح، إلا إذا كانت تصريحات مسؤوليها حول ما يُسمى بأهمية التهدئة من الجانبين التي تمارسها أكبر دولة داعمة لإسرائيل كافية للتأكيد على حياديتها.

***

إسرائيل دولة خارج الأعراف والقوانين والمسلّمات الدولية، ولا أحد من الدول الكبرى يجرؤ على المساس بسلوكها هذا، أو يفكر بإدانته، أو القول عنه بأنه يجب أن يكون عرضة للمساءلة، لأن هذا سوف يثير حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم الحر والقطب الوحيد الأوحد في القوة العسكرية والسياسية على مستوى العالم، وإلا فإن ما فعلته إسرائيل في غزة، ومماطلتها في الوصول إلى حل الدولتين وفقاً لاتفاق أوسلو وقرارات الشرعية الدولية، يكفي لإدانتها، وإلزامها بأخذ المواقف المسؤولة التي تحفظ حقوق الشعبين العربي واليهودي في هذا الجزء من العالم.

***

إن انتقادنا للموقف الأمريكي المكشوف والمنحاز لإسرائيل، ينطلق من إيماننا بالمسؤولية الكبرى التي تضطلع بها الولايات المتحدة كراعية للسلام، وأن عليها أن تمارس دورها بشكل أفضل للوصول إلى حل عادل، بدلاً من أن تترك حل القضية بحسب ما يتفق عليه الطرفان، وهي تعلم يقيناً عدم التكافؤ في القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية بين الجانبين، بمعنى أن إسرائيل وحدها من ستفرض شروطها غير المقبولة من الجانب الفلسطيني، وهو ما تفعله الآن ودائماً، وفي طليعتها عدم استعدادها للتخلي عن أراضٍ احتلتها عام 67م، بما فيها القدس الشرقية، وعدم قبولها بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وما إلى ذلك من الشروط التعجيزية الكثيرة التي أبقت القضية الفلسطينية بلا حل منذ قرابة سبعين عاماً، مستقوية بالموقف الأمريكي، والصمت العالمي من المطالب الفلسطينية.

***

إن الارهاب الذي يطوّق المنطقة ويمتد إلى خارجها، إنما ينطلق في جزء كبير منه من تأثير الظلم والقهر الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، فقد أُستخدمت هذه القضية في تحفيز الناس لممارسة هذا النوع من الأعمال الإرهابية التي يقودها أفراد أو مجموعات منظمة، ولو فرض الحل من خلال الأمم المتحدة بجمعيتها العمومية ومجلس الأمن بدلاً من تركها (سائبة) تحت رعاية الولايات المتحدة لما بقي الوضع على ما هو عليه حتى الآن، ولعلنا نتذكر فرض الحل مع قيام دولة إسرائيل بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى دولتين إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية من خلال المنظمة الدولية، وهو الحل الذي لم يُوفق العرب في التعامل معه بإيجابية بسبب سوء تقديرهم للموقف الدولي الداعم لإسرائيل.

***

إننا نناشد الولايات المتحدة الأمريكية، بأن تأخذ موقفاً شجاعاً ومبادرة تاريخية مسؤولة، فتعترف بالدولة الفلسطينية كما فعلت السويد، وستجد أن هذا الموقف إنما يُلبي تطلعات كل إنسان حر، وبالتالي سيكون اعترافها محفزاً لاعترافات بقية الدول، التي تنتظر مثل هذه الإشارة الإيجابية من أمريكا، وإثر ذلك فإن الاستقرار والأمن سوف يخيمان على إسرائيل، وسيكون التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين على هذه الأرض المباركة في مستوى ما يتطلع إليه الجميع.

مقالات أخرى للكاتب