04-11-2014

إلى اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات!

اندرج اللقاء الذي عقدته اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات مع مجموعة من كتاب الرأي، ورجال الإعلام - قبل أيام - ضمن إطار برامج معدة بعناية لمخاطبة شرائح، وفئات منتقاة؛ لإيصال الرسالة المرتبطة بالقضية المطروحة، وعلاقتها بوسائل الإعلام بمختلف مصادره، والتي تستطيع لعب دور تنويري في مكافحة المخدرات، والعمل على تبصير

الشريحة العظمى من المجتمع؛ لأن الذي استجد على الإعلام، وغير أدواته، ولغته، ووظيفته، أخذ يفرض تحديات جديدة مفتوحة للاجتهاد، والإبداع في هذا الباب.

على أرض الواقع، ونتيجة لتعاظم الدور المنوط بهذا الجانب المهم، فقد أدرك أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات - الأستاذ - عبد الإله بن محمد الشريف، أن التوازن في صياغة الخطاب الإعلامي، والقدرة على الوصول إلى الجمهور، لا يكون إلا من خلال وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، وصورها - باعتبارها - أداة وصل مهمة في العلاقة بين وسائل الإعلام، وجمهورها المتنوع، وركنا أساسا في العملية الاتصالية؛ وحتى تكون الرسالة شاملة، لا بد من الاستفادة من إمكانات كل وسيلة، وقدرتها على الوصول إلى فئة مستهدفة من الجمهور، مدعومة بوجود أفكار تتناسب، والمرحلة الزمنية التي نعيشها؛ حتى نستطيع تحريك المشاعر تجاه التحذير من تلك الآفة، والوصول إلى مشاعر الفئة المستهدفة، وعقولهم.

اليوم، فإن شريحة كبيرة من الشباب المستهدف تملك مفاتيح الوعي، وهي قادرة على الاطلاع الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي باحترافية عالية، مع التسليم بدرجة الاختلاف في المستوى التعليمي، والثقافي، وطبيعة الشخصية، وأسلوب التفكير عند آحاد هذه الشريحة المستهدفة، إلا أن تحقيق نتيجة محدودة من القائم بالاتصال؛ حتى يقتنع الجمهور، هو نتيجة إيجابية، أحدثتها البيئة العالمية لتلك المواقع، عندما تخطت حواجز الزمان، والمكان، والرقابة.

ضرورة الابتعاد عن طريقة الوعظ البحت، كان مطلب الجميع. فالكلمة لا تمثل سوى « 7% « - فقط - من التأثير، بل إن وسائل الإعلام ضعيفة في الأثر، - خصوصاً - عندما يتعلق الأمر بتغيير السلوك - وبالتالي - فإن مخاطبة العقل بالوعي، والتفكير بصورة معبرة، أو فيلم مرئي، مع التنوع في الشكل، والمضمون، والاستفادة من أية معلومات أخرى، تتدفق عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، ستختزل الكثير من الجهد؛ لأن ممارسة الاتصال - حينئذ - ستكون تبادلية، وثنائية الاتجاه، وليست في اتجاه أحادي. بمعنى: أن مهارة التفكير الناقد سيكون أشد إلحاحاً عند التعامل مع وسائل الإعلام الجديد.

اتفق الحضور على أهمية استثمار من بيده امتلاك أدوات التأثير، كالخطاب المعرفي، والإنساني، مثل شريحة الدعاة، والمشاهير في كل تخصص؛ كي نكون قادرين على إطلاق رسائل التوعية بنجاح. فالعمل على تدريب التعبئة مع تفعيل شرائح المجتمع، سيحسن الكثير من الرسالة الإعلامية، وسيتيح لكل شخص من هؤلاء أن يكون ناشراً؛ وليرسل رسالته إلى الآخرين.

وفي كل الأحوال، فإن عدم الانفصال عن الواقع، سيحقق الوصول إلى أكبر شريحة مستهدفة، وإحداث التغيير لديهم، ومن ثم القدرة على تشكيل الاتجاه. وثمة أمور عديدة لا يمكن إغفالها في موضوع مضمون الرسالة الإعلامية، المراد توجيهها إلى تلك الفئة، والأثر المطلوب إحداثه من مضمون الرسالة، مع ضرورة استخدام المؤثرات العقلانية، أو العاطفية، والدعوة إلى التفاعل معها، والتجاوب مع مضمونها، بما يعني تأثيرا أعلى للرسالة الاتصالية.

من هذه الرؤية، أستطيع أن أشير إلى عدم جدوى الحديث عن صمود الإعلام التقليدي أمام الإعلام الجديد؛ لأن الأخير تشكل من إفرازات الواقع، ومعطياته، ثم إعادة صياغة ما سبق بطريقة تسهم في بلورة المواقف، والاتجاهات، والحلول لتلك القضايا، فضلاً عن ردود الفعل المتاحة للمستخدم من التفاعلية، والمشاركة الخلاقة، والملائمة للفئات المستهدفة حسب ثقافتها المتضحة من ردود أفعالها؛ من أجل تحقيق التفاعلية، والمشاركة الوجدانية للجمهور.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب