04-11-2014

صحة حائل «والشمس لا تُغطى بغربال»

طفا على السطح الأسبوع الماضي بشكل لم يسبق له مثيل في أي منطقة من مناطق المملكة، أمر صحة المواطن والمقيم الحائلي، وتفاعل مع هذا الموضوع الخطير الكل بلا استثناء، انبرى سمو أمير المنطقة ليعزز المطالبات السابقة ويتبنّى وبقوة هموم المواطنين وتطلعاتهم الدائمة بالتحرك السريع، من أجل تغيير الحال الذي يعاني منه الجميع في هذا الجزء من بلادنا الغالية، التي الأصل فيها أنها تحرص على عدالة التوزيع وتعمل بكل تجرّد وموضوعية لإيصال الخدمات التنموية، خاصة الضرورية منها والأساسية للكل دون مناطقية أو محسوبية أو تراخٍ وتهاون.. ليست هذه هي المرة الأولى ولا حتى الثانية ولا الثالثة التي يؤكد المشهد المجتمعي صغيرة وكبيرة متعلمة وعامية ذكره وأنثاه بما لا يدع مجالاً للشك، أن ما وصل للمسئول عن الوضع الصحي المتدهور في منطقة حائل هو غيض من فيض مما هو واقع، ويقع في هذا القطاع الخدمي المهم للأسف الشديد.

أنا شخصياً وإن كان التحرك سريعاً من قِبل وزارة الصحة، فإنني بصدق لا أعول كثيراً على الوعود والمواثيق التي أطلقت فكم مر بنا مثل هذا الحال، وحضر الوزير بشخصه، ووعد وتعهد وبشر واستنفر، ولكن ما هي إلا أيام حتى تعود الحال إلى ما كان بل ربما أشد مما كان، إلا إذا أن معالي وزير الصحة المكلف سيكون له كلمة أخرى وسيحدث الله على يده ما عجز عنه السابقون.

صدقوني الأمر أكبر مما قيل ونُقل، وتُحدث عنه وكُتب، ومن أراد أن يعرف حجم المعاناة وعمق الجرح، فليمسك بورقة وقلم ليعد الكراسي المتحركة التي تنقل المرضى شيوخاً وشباباً رجالاً ونساءً بل حتى أطفالاً، لسلم الطائرة المتجهة للرياض كل صباح، ويعود ذات الشخص مرة أخرى عند المساء ليرى بعينيه الكراسي نفسها تُدفع لتحمل تلك الأجساد التي أضناها التعب والسفر، وهدّها المرض، وكسر ظهرها وحطم نفسيتها الهم والحزن والعجز والكسل، فضلاً عن أولئك الذين يرتحلون لمستشفيات القصيم وقد يغادرون الأراضي السعودية متجهين شمالاً للمملكة الأردنية الهاشمية، ومن لم يستطع لا هذا ولا ذاك فهو يعاني الأمرين، وربما كان للقبر أقرب!!؟.

لقد كتب كثير من أبناء المنطقة عن هذا الشأن العام بكل حرقة ومرارة وحزن، وغرّد آخرون بكل شفافية ومصداقية وأسى، ونصح الثالث، ورحل الرابع بعائلته من أجل الحصول على العلاج في العاصمة الرياض، ورفض الخامس الانتقال للعمل في حائل لأسباب عدة على رأسها سوء الخدمات الصحية، ومن قبل هذا وذاك كتب وتحدث صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن أمير المنطقة، وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز في أكثر من مناسبة عن سوء الخدمات الصحية في المنطقة وترديها والحاجة الماسة لعلاجها من الجذور، بل إن سمو أمير المنطقة كلف فريقاً مختصاً لدراسة هذا الواقع واقتراح الحلول، والنهاية لا شيء يتغير ويغير من قِبل الوزارة ذات الاختصاص إلا المديرين الذين أعرف عن غالبيتهم الجدية والنزاهة والحرص والرغبة في تبدّل الحال، ولكن لا حول لهم ولا قوة، فالشق أوسع من الراتق، والعين بصيرة واليد قصيرة.

أذكر أنني كتبت عن شأننا الصحي في هذه الزاوية وتحت عنوان «معاناتنا بين يدي صاحبي المعالي (المالية والصحة) في 29-10-2009 م أي قبل خمس سنوات تماماً، وعدت لما كتبت هذا المساء و «ما أشبه الليلة بالبارحة»، كما أنني في مقال آخر رفعت الأمر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز متمنياً منه - حفظه الله ورعاه - أن يصدر أمره السامي الكريم بأن يتوّج تبرعه السخي بأرض الحرس الوطني للمنطقة بوضع حجر الأساس لمدينة طبية تابعة للحرس الوطني تشرف بحمل اسمه وتكون رافداً قوياً ومعززاً حقيقياً للخدمات الصحية في المنطقة الشمالية كلها التي تعد حائل بوابتها ومبدأها، وفي ثالث عوّلت بعد الله على المستشفى الجامعي.

إن كلمات الشكر تتقازم أمام صنيع كل وطني مخلص، ومواطن صالح حمل هم مجتمعه وأوصل كلمة الحق لمتخذِيْ القرار وصناعه، وكان نقده بنّاء، وهدفه في النهاية «الإصلاح ما استطاع»، والشكر كل الشكر للمسئول الذي يدرك عظم الأمانة وصعوبة السؤال، ويعلم حق المواطن في التشخيص الصحيح ومن ثم العلاج، ويعمل جهده ويبذل ما في وسعه من أجل الوفاء بمتطلبات من هم في الذمة بكل تفانٍ وإخلاص.

أتطلع مع كل هذا إلى بارقة أمل تخيب التوقعات وتزيل سيل الإحباطات ويكون الجواب من صنّاع القرار ورجالات الصحة ما يراه مواطن حائل وقاطنها لا ما يسمعه، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب