04-11-2014

العوائد.... ومبدأ العدالة

* اتجاه الحكومة ومؤسساتها نحو الشفافية والوضوح وتعزيز ذلك بكافة الوسائل يسير بخطوات مدروسة وحثيثة، وهو جزء من المشروع الإصلاحي الكبير (المالي والإداري) الذي حمله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على عاتقه منذ أن تولى مقاليد الحكم في هذه البلاد، حيث أمست كل مؤسسة أو جهاز انطلاقاً من مهامه واختصاصاته يراجع بين الحين والآخر الكثير من الأنظمة واللوائح والمواد، ويسعى إلى تطويرها وتكييفها مع متطلبات العصر واحتياجات المواطن، وكل ذلك يأتي منسجماً مع تعاليم الشريعة الإسلامية التي هي دستور هذه البلاد، وعلى أساسها قام الحكم واستقرت شؤون الدولة المعاصرة.

* ربما تكون المراجعات المستمرة لأوجه الصرف في الميزانية العامة للدولة وبنودها وضبط إيراداتها ومصروفاتها من أهم المسارات التي أصبحت عرضة للمناقشة والتدقيق، ولاقت من الاهتمام ما لم يلقه جهاز آخر، وهو أمر ضروري وحتمي في ظل هذه الأوضاع الحالية والظروف المستقبلية التي سنعيشها، فلم يعد هناك ما يخفى على المواطن والمواطنة، وبخاصة في ظل الثورة التقنية الحديثة التي أمسى المواطن فيها قادراً على التقييم لكل شيء، قادراً على المتابعة والرقابة عن بعد على الأقل لكل ما له صلة بحياته اليومية، أو مستقبل الأجيال.

* مما هو جدير بالطرح والاستيضاح موضوع (العوائد والمقررات)، أو ما يسميه البعض (الشرهات السنوية)، تلك المنح أو المخصصات سمها ما شئت. هذه القضية ليست بجديدة بطبيعة الحال، وفيما يبدو أنها أقرت في مراحل معينة من تاريخ بناء الدولة، لاعتبارات اجتماعية معينة، آتت ثمارها وحققت أهدافها في ذلك الحين.

* اليوم، وبعد قيام مؤسسات الدولة وممارسة أدوارها الاجتماعية والإنسانية ولله الحمد بشكل استقصائي ومدروس ومنظم يراعي حقوق المواطنين بمختلف شرائحهم بدأت تساؤلات كثيرة تطرح حيال هذا الباب، أو الملف من الإعانات، وأهمية مراجعتها وتقييمها، لاسيما بعد أن سنت الدولة الأنظمة واللوائح والبرامج شبه المستديمة التي تخدم فئات محددة من المواطنين ترى الحكومة بحكم مسؤوليتها العامة أهمية دعمها والوقوف إلى جانبها. وحتى لا يكون هناك ازدواجية في أوجه العون والمساعدة، وتحقيقاً لمبدأ العدالة، ووضع الأشياء في مواضعها الصيحة، أقول: أصبح من الملح فتح الملف والإجابة على التساؤلات التي تندرج تحت هذا الباب، بالتأكيد فإن هذه التساؤلات سيلف إجاباتها شيء من الغموض، وقد لا نجد من يتصدى للإجابة. هل تلك العوائد خاصة بالذكور دون الإناث؟ إذا كان كذلك، فما السبب؟ وبخاصة إذا عرفنا فئات عديدة من النساء يمارسن القوامة على أطفالهن لأسباب عديدة؟ هل تلك العوائد مرتبطة بسن محددة، أو ظرف خاص استوجب على الدولة تقديمها؟ الأهم من ذلك، متى بدأت، وما الأنظمة واللوائح والإجراءات التي حكمت وتحكم التقديم عليها إن كانت ما زالت قائمة؟ هل يتم تقييم الحالات المستفيدة كل فترة كما هو الشأن في البرامج والإعانات الأخرى المقررة؟ وهل هي مستحقات مالية محددة تسري على جميع المستفيدين؟ أم تختلف من شخص لآخر؟ هذه أسئلة من المؤكد أنها ليست جديدة لكنها جديرة بالإعادة والطرح والمناقشة، وكم أعجبني التفات بعض الصحف إليها مع بعض المسؤولين، وإن كانت تلك الالتفاتة لم يكتب لها الاستقصاء، أو قوبلت بشيء من التردد. كما أنه من الغريب عدم قيام أيّ من الجهات المعنية بمراجعة الأنظمة واللوائح وتقييمها بتبني هذه القضية الوطنية. لأن في إعادة تقييم تلك العوائد أو غيرها ترشيد للإنفاق، وحسن استثمار للموارد، وتحسين لأوضاع بعض فئات المواطنين الأسرية، والمعيشية، والاجتماعية، وتوفير أدنى درجات الخدمات العامة التي تسعى الدولة لتقديمها لهم بكل يسر وسهولة، كحق شرعي من حقوق المواطنة. إذن، لكي تضفي المؤسسات ذات العلاقة بهذا الشأن مزيداً من المصداقية والاحترام على عملها فإن هذا الموضوع يستوجب الإيضاح والمكاشفة.

dr.alawees.m@gmail.com

dr_alawees@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب