05-11-2014

عادات تأباها النفوس الكريمة والطباع السليمة

لا يخلو مجتمعنا في مناسباتنا من بعض العادات السيئة، والأخلاق المقيتة. فمن ذلك تخليل الأسنان أمام الناس؛ فالتخليل في الأصل هو - أكرمكم الله - استخراج ما بين الأسنان وتحتها من فضلات وأطعمة ورواسب، وهي عادة بقايا لحوم أو خلافها، فتستقر في قاع اللثة

(والراجح طبعاً قراءة اللثة بالتخفيف لا بالتشديد). وربما تكون هذه الأطعمة مكثت أياماً؛ فتتحول إلى بكتيريا وفطريات وجراثيم غاية في العفونة - أكرمكم الله -. وطبعاً أصل قول «أكرمكم الله» عند ذكر ما تشمئز منه النفوس هو قوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}. فلاحظ هنا أن الله كرم بني آدم عموماً، ولم يحددها بالمسلم فحسب. وطبعاً سُمي بنو آدم بهذا الاسم لأنه خُلِق من أديم الأرض، أي وجهها. والأدهى من ذلك والأمرّ أن هذا المتخلل تجده بوقاحة سافرة يتخلل ويستخرج قاذوراته أمام الملأ فاغراً فاه بلا حياء ولا أدب، ثم تجده يلفظها في المجلس كيفما اتفق هكذا!!! ثم بعد ذلك يصافح الرجال، ويمسك بأغراضهم وأدواتهم وهو متلطخ بدائه النتن، وربما بعضهم يتخلل والناس لا يزالون على مائدتهم (وهذه التي لا تُطاق). (ألا تباً له)، وفي رواية (تبناً له)!!..

والمشكلة أن بعضهم بحكم رعونته ربما يأخذ أعواد المناقيش، ويذهب بها للضيوف يسلمها لهم؛ ليقرف بعضهم بعضاً. والمفترض بالرجل المؤدب العاقل أن يتخلل مما لا بد منه عند مغاسل الماء أثناء التغسيل، أما البقية فيتركها حتى يصير وحده في بيته. والمشكلة التي لا تنقضي أن هذا المتخلل ربما مرت به الأيام والأسابيع وهو لم «يفرش أسنانه»؛ فلا يخلو من بخر الفم والروائح الكريهة. قال صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى ظننت أن ينزل فيه قرآناً»، وقال: «ما جاءني جبريل قط إلا أوصاني بالسواك»، وقال، وقال..

ولكي لا يقول قاصر نظر إنني مبالغ بهذا الكلام يكفي في عظم هذا الأمر وفداحته أن الشارع الحكيم جعل من أسباب فسخ عقد النكاح التي يبقى فيها المهر للزوجة، ولا يرد إلى الزوج، هو إذا ما وجدت الزوجة للزوج بخر فم لا يُحتمل.. وهذا للزوج أيضاً. طبعاً في غير الصيام والنوم والمرض والجوع.

وأصل التخليل مأخوذ من الخلة، وهي أعظم أنواع المحبة، وهي سُميت بذلك لأن المتحابين لا يبقى بين جسديهما مكان إلا شملته الخلة؛ فهي قد تخللت القلب، وشقته، واستقرت في شغافه..

فالخلاصة: إن كنت ولا بد فاعلاً فلا أقل من أن تتخلل بسرية، ولا مبالغة، وتضع فضلاتك بمنديل أو خلافه.. لكن كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، وقال: «الحياء لا يأتي إلا بخير»..

يعيش المرء ما استحيا بخير

ويبقى العود ما بقي اللحاء

فلا والله ما في العيش خير

ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

ولا شك أن بعضهم يفعل ذلك غفلة، لكن هذا ليس بعذر، فهل سيعمل مثل ذلك لو ذهب لوجيه طالباً منحة؟ أو راهباً من محنة؟؟!! وبعضهم لا يتورع كذلك عن الجشاء بمسمع الناس، وهذا مما تستقبحه الأسماع، وفي الحديث: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كف عنا جشاءك». فصلى الله وسلم على من بُعث ليتمم مكارم الأخلاق. وإن كان ولا بد فاخفض صوتك.

حياؤك فاحفظه عليك فإنما

يدل على فعل الكريم حياؤه

أقول ذلك لأني أعرف من تروغ أكبادهم إذا سمعوا أو رأوا مثل هذه الحركات. والسلام عليكم.

- محافظة رياض الخبراء

مقالات أخرى للكاتب