05-11-2014

9 ديسمبر يوم المكافحة المهم للفساد الجرثومة

الفساد ليس وليد الساعة، ولم يأت مع مجيء التقدم والتمدن والانفتاح، فقد عرفته البشرية قبل عشرات القرون، كما وردت الكلمة في القرآن مرات عدة كثيرة وبعدة معانٍ. أيضاً حذّر منه الله فيها، في الآيات وتوعد مرتكبيه. قال تعالى في سورة الروم:

(ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). متى ما خرج الشيء عن الاعتدال قليلاً كان الخروج عنه أو كثيرًا، وضاد الصلاح، كان الفعل فسادًا استعمل في النفس، أو البدن، أو الأشياء الخارجة عن الاستقامة لا فرق. قال ابن منظور: المفسدة خلاف المصلحة. والاستفساد خلاف الاستصلاح. وقال الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

ضرب لنا القرآن أكبر مثل في الفساد فساد فرعون ونتيجة فساده، الشخصية التي جمعت فسادًا ماليًا ودينيًا وسياسيًا، حيث وضّح القرآن بإسهاب وتوسع كيف جسّد فرعون صورة استضعاف شعبه والتضييق على قوتهم بالرغم من إثرائه غير المشروع، فقد بنى فرعون القصور والأهرامات، وعاش مع حاشيته وبطانته في نعيم باذخ على حساب شعبه الكادح الضعيف فاستحق وصف الله له عندما قال سبحانه: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} (83) سورة يونس.

إسراف فرعون وتبذيره بالرغم من فقر شعبه ومعاناته، مع الإذلال والاستضعاف للشعب علامة فارقة يعرف بها المفسدون والفاسدون في الأرض، قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (4) سورة القصص. حيث لم يكتف فرعون باستئثار الثروة والثراء، إنما سعى نحو إحداث الفرقة والنعرات بين أبناء الشعب بعضه بعضًا من خلال التخوين والفرقة الطائفية والعنصرية وما ذلك إلا لتنشغل الشعوب ببعضها عنه. بالنسبة للبطانة الفاسدة المنافقة الرخيصة في تطبيلها للفساد ومنافقة الفاسدين التي استطاع السيطرة عليها وشراء ذممها فقد ساهمت في توسع الفساد في عصره. أضف إلى ذلك فئة الجهلة من الناس البسطاء الذين من السهل التلاعب بعقولهم وتزيين الشر والفساد على أنه خير وصلاح تلك الفئة أيضًا استطاع فرعون جذبها لصالحه ظنًا منهم أن الحق بيد فرعون وسياسته بالتالي تمكن من اتهام دعاة الإصلاح بالخيانة والعمالة والإجرام من ذلك وصف موسى بأنه مجرم ساحر كذاب ومفسد فالسلطة والثراء «أحيانًا» أداة استبداد وظلم وقمع لكل مطالب بالحق المشروع {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} (88) سورة يونس. فهل دام حكم فرعون الظالم الفاسد المفسد!؟ حيث لا دوام للحكم إلا بالعدل والإنصاف وبالتوسعة على الناس وليس التضييق. قصة فساد فرعون ثم نهاية الفساد والمفسد ومن معه أعظم قصة قرآنية نعتمد عليها في محاربة الفساد وفي التحذير منه وفي تتبع بؤر الفساد وشخصياته، حيث إني على إيمان بأن للفساد شخصيات معروفة وأشخاصًا تكثر بطانتهم بقصد التعتيم والتورية بيد أن الأيدي إذا تكاتفت من أجل مكافحة الفساد أمكننا نزع البطانات بطانة تلو بطانة حتى آخر بطانة يختبئ الشخص بؤرة الفساد تحتها. مكافحة الفساد مهمة فرد أهميته لدى المجتمع والدولة. لماذا؟ لأن الدول تقوى وتصبح أو تستمر متينة بالصلاح والإصلاح وتضعف فتكون هشة بالفساد والإفساد فإذا كثر فيها الفساد ضعفت من الداخل ثم أصبحت هدف الخارج لإضعافها أكثر بالتاللا أتصور مواطنًا واحدًا أو مواطنة ترضى بأن ترى وطنها ضعيفًا داخليًا مستهدفًا خارجيًا! لا أعقد ولا أظن إطلاقاً. إذا دورنا أمام عدم الاعتقاد هذا تتبع أمكنة الفساد والمفسدين بنية الكشف عنها أو الإبلاغ فإذا تساقطت الرؤوس الكبيرة للفساد خافت وارتعبت الرؤوس الصغيرة خوفًا سهّل سقوطها أو كفها عن مواصلة العمل في الفساد وبه.

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب