09-11-2014

عالجوا التعصب.. فهو حالة مرضية!

خلال الأسبوع الماضي عمَّ عالم تويتر والقنوات الرياضية حالة تشنج مخيفة، بسبب نهائي كأس آسيا للأندية، وتحول الأمر إلى صراع غريب، دخل فيه الدين والوطن في خلافات الجماهير والشخصيات العامة، مع أن الرياضة، وكرة القدم خصوصاً، فكرتها تهدف إلى التنافس الشريف والمتعة والتسلية، وإلى تكوين علاقات محبة وإخاء بين الناس والشعوب، لكن أن تتحول إلى شتائم واتهامات وتخوين، وتدخل فيها السخرية والتنابز والألفاظ البذيئة، وأن يدخل في صراعاتها المشايخ من جهة، والمغنيات من جهة أخرى، فهو أمر غريب، ولا يستحق الجدل، كما حدث بين الشيخين عايض القرني وعادل الكلباني، وبين الفنانتين أحلام وشمس، وغيرهم من الشخصيات العامة والرياضيين!

لماذا وصل الأمر بنا إلى هذا الحد؟ لماذا بالغ البعض في الموقف السلبي من ممثل الوطن، نادي الهلال؟ لماذا لم يحدث ذلك في السنوات الماضية، بالنسبة للأهلي والاتحاد والهلال من قبل مثلاً؟ لماذا لعبت هذه الفرق نهائيات آسيوية، ومرت مرور الكرام، إما بالظفر بالبطولة أو خسارتها، ولم يصحب ذلك مثل هذا الصراع والتلاسن والتراشق، حتى أصبحت فضيحتنا علنية في القنوات الرياضية الخليجية؟ هل المشكلة في إعلام الهلال أم في إعلام الأندية الأخرى؟ ما الذي يجعل مقاطع فيديو انتشرت تُظهر فرحة جماهير سعودية في مقهى بمدينة جدة، بأهازيجهم واحتفالهم؟ وآخرين ينحرون الحواشي بالرياض؟

أتمنى أن يحلل لنا هذا الأمر أخصائي اجتماعي، ممن له علاقة بالتاريخ الرياضي.. أن يفهم هذه الظاهرة، ويقدم لنا دراسة اجتماعية حول أسباب التعصب الرياضي متى بدأ، وإلى أين ينتهي بنا المطاف؟ لماذا احتفل الآخرون بنكسة الهلال في مباراته النهائية؟ ومن هم هؤلاء المحتفلون؟ هل هم النصراويون فحسب؟ أم جماهير أخرى متنوعة؟ ولو كانت هذه الجماهير متنوعة، لماذا تحتفل بشكل علني بهزيمة الهلال؟ ولماذا تُقام الولائم بذلك؟ هل كان هذا التعصب موجوداً منذ عقود، وأخذ يتطور بحيث لا يمكن أن يُستثنى منه نادٍ واحد؟ وهل سيتكرر ذلك عندما يلعب النصر على بطولة آسيا، وكذلك الأندية الأخرى؟ وهل وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تداول مقاطع الفيديو جعلت الأمر مبالغاً فيه؟ وهل المبالغة كانت فقط في ردود الأفعال؟ أم أن المبالغة كانت في الاستعداد المبكر لإقامة احتفال ضخم جداً عند فوز الهلال بالبطولة، من تسيير رحلات قطار إضافية، وحافلات مخصصة لنقل طلاب الجامعات، وشراء تذاكر المباراة وتوزيعها مجاناً، وإضاءة ناطحات السحاب بالأزرق، و... و...إلخ، وهو ما أثار حفيظة الجمهور غير الهلالي؟ وهل هذه المبالغة كانت ذات أثر سلبي على لاعبي الفريق، ووضعتهم تحت ضغط نفسي شديد، وفي الوقت نفسه أثارت غيرة جماهير الأندية الأخرى، التي أعلنت مساندتها للفريق الأجنبي على حساب سفير الوطن؟!

حتماً كانت صور جماهير سعودية وهي تساند فريق سيدني، وتلتقط الصور مع لاعبيهم وجماهيرهم.. كانت معيبة ومخجلة، لكن على العقلاء من الرياضيين والإعلاميين بحث جذور هذه المشكلة، وأسباب المبالغة في التشفي، ومظاهر الفرح بين بعض الجماهير، في محاولة للتخفف من هذا التعصب المقيت؛ لأن ما حدث للهلال قد يتكرر مع الاتحاد والأهلي والنصر والشباب وغيرها من الأندية حين تمثل الوطن!

مقالات أخرى للكاتب