11-11-2014

هل ضاع حلم البيت؟

لست محللاً اقتصادياً مختصاً بالشأن العقاري، لكن ما نصح به بعض المحللين من أن ركود العقار يحتم على الجميع انتظار انخفاضه، جعل كثيرا من الشباب ممن في الإدارات الوسطى في القطاع الخاص، أو حتى أقل من ذلك، ينتظرون حزمة قرارات من شأنها التأثير على السوق العقاري، بخفض الأسعار حتى تكون في المتناول، ظلوا على مدى أكثر من سنتين ينتظرون الحلم، بأن تصبح أسعار المساكن معقولة، بحجة أنها ارتفعت بمعدلات كبيرة منذ عام 2006 تقريباً، وقد استجاب معظم هؤلاء لهذه النصائح والتوصيات، بينما كنت على المستوى الشخصي أنصح كل من يطلب المشورة حول شراء المسكن عن طريق البنوك، أنصحه بالمبادرة بذلك، فيستجيب بعضهم، ويتمهل بعض الآخر مستجيبا لوصايا الأغلبية بالانتظار ريثما تبدأ مرحلة ما بعد ركود السوق العقاري!

كان هؤلاء ينتظرون توزيع وحدات وفلل وزارة الإسكان، وينتظرون قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وغيرها من القرارات التي يمكن أن تؤثر على العقار، دون أن تؤثر على توفر السيولة لديهم، عبر التمويل العقاري من البنوك، لكن قرار مؤسسة النقد السعودي الذي ألزم البنوك بتحصيل ما نسبته 30% من قيمة العقار المراد شراؤه، أدخل هؤلاء في نفق لا آخر له، فمن يريد شراء مسكن قيمته مليون ونصف، عليه أن يدبّر ما يقارب 450 ألف ريال، وهو أمر ليس سهلا على الموظف، الذي حتى لو ادّخر مثل هذا المبلغ على مدى عشرين عاماً، فإن السنوات المتبقية من عمره الوظيفي قبل التقاعد قد تحرجه مع خدمات التمويل البنكية، أي أن الأفضل له مواصلة العيش في منزل مؤجر، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!

صحيح أن هذا القرار، حتى وإن كان المراد منه حماية البنوك، من تضخم حجم القروض سيؤثر على السيولة المتوفرة في سوق العقار، وبشكل واضح، خاصة لدى الموظفين، مما يعني تباطؤ الطلب على الوحدات السكنية، في مقابل توفر العرض منها، مما قد يضغط على الأسعار نحو الهبوط، ولكن لوحدث ذلك الانخفاض بنسبة أقل، فإن معاناة تملك المسكن تبقى، بل وتزداد بشكل أكبر، خاصة لو تراجعت بعض شركات العقارات الكبيرة عن تنفيذ مشروعات فلل وشقق سكنية، وهذا أمر متوقع، لأن هؤلاء -في النهاية- تجار يبحثون عن المكاسب والأرباح، وهذا حق مشروع لهم!

فإذا كان الهدف من ذلك تخفيض السيولة في السوق، لتحجيم الطلب مقابل العرض، فإن ذلك لا يضمن بقاء العرض كما هو، لأن العقاريين سيوقفون مشروعاتهم إلى أجل غير مسمى، وسندخل من جديد في دوامة أزمة الإسكان، وارتفاع قيمة المساكن!

وقد تقترح بعض البنوك على عملائها عدم التورط بقروض عقارية في الوقت الراهن، والانتظار حتى يتبين أثر هذا القرار، وهذا سيحجب المزيد من السيولة، ويؤثر على أسعار العقار فعلا، لكن المستفيد الأخير هم التجار أيضاً، أو ميسورو الحال ممن لديه سيولة، تمكنه من الشراء النقدي!كل ما نتمناه من هذه القرارات، أن تكون ذات أثر إيجابي على المواطن من جهة، وعلى اقتصاد الوطن من جهة أخرى.

مقالات أخرى للكاتب