12-11-2014

حادثة الأحساء: المقدمات لإصدار نظام جديد

نبدأ بالعزاء لجميع أسر المتوفين في حادثة الأحساء وما تبعها من مواجهات توفي فيها أكثر من مواطن، سواء كان مواطناً عادياً أو رجل أمن. الموت والإرهاب ليسا جميلين ولا يفرحان أبداً، لكن ما تلا تلك الحادثة من التفاف ضد الإرهاب وضد الطائفية ومع الوطن بمختلف أطيافه، كان إيجابياً وأظهر نزعة كبرى لدى الغالبية نحو تقديم الوطن على التحزّب الطائفي الذي قد يطعن خاصرة الوحدة الوطنية ويهدّد أمننا. بعد ذلك التعاطف الجيّاش والمشاركة المعنوية والعاطفية مع المتوفين وذويهم كمواطنين وبغض النظر عن مرجعيتهم الطائفية، نسأل ما هي الخطوة التالية؟

أعتقد بأن الخطوة التالية يجب أن تأتي من طرف الدولة بتحويل هذا المشهد إلى قانون أو تشريع ثابت يجرِّم الكراهية والطائفية وكل ما يمس أمن الوطن ويقود للفتن المذهبية والطائفية. حان الوقت لأن تبادر الجهات المعنية بقيادة مجلس الوزراء ومجلس الشورى إلى إصدار نظام يحاسب كل من يؤجج الطائفية والكراهية بين أفراد المجتمع. نظام نعترف فيه كل بالآخر، دون مساس بأمن الوطن ومكتسباته.

الفرصة أصبحت إيجابية لاستحداث هذا النظام بتوفر الأبجديات أو المقدمات التالية:

أولاً: عنصر بروز المشكلة وتحولها إلى محط اهتمام صانع القرار، وقد تكون مشكلة أزلية تراكمية أو مشكلة حديثة أو مشكلة متوقع حدوثها. هذا البروز قد يكون صانع القرار هو البادئ بالتعرّف عليه وقد يكون أمراً بارزاً وتحول إلى ظاهرة يتحدث عنها النقاد وأوساط المجتمع. أعتقد أن مشكلة الطائفية وتحولها إلى مصدر خطر يهدّد أمن الوطن، لم يعد خافياً على الجميع، ولا يمكن أن تجهله الدولة كذلك. كما أعتقد بأن ما حدث عقب حادثة الأحساء الإرهابية أكَّد استعداد الناس لتقبل إصدار نظام يجرِّم الطائفية، بل إنه كان استفتاء غير معلن أوضح إجماع الغالبية على أن أمن الوطن خط أحمر، وأن الطائفية أمر مرفوض، طالما تحولت إلى مصدر خطر..

ثانياً: العنصر القيادي ويقصد بذلك تبني القيادات أو دفعها باتجاه إنجاز تنظيم ما أو حل ما لتلك المشكلة. وأعتقد أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- أدرك مثل هذا التوجه منذ سنوات والأمر بالنسبة له ليس مجرد رد فعل لحادثة واحدة. بدليل تبنيه مبدأ الحوار الوطني وحرصه على الأخذ بموضوع الحوار إلى أبعد مدى سواء على المستوى المحلي أو الدولي، سواء بين أطياف المجتمع السعودي أو بين الحضارات والأديان المختلفة.

ثالثاً: صانع القانون أو النظام المعني بصناعة النظام أو القانون وهو هنا يعتبر العنصر الأهم في خروج وصياغة النظام بشكله الإيجابي السليم. القيادي لا يصنع اللائحة وإنما يدفع بها للأمام والمجتمع لا يدرك تفاصيل صنع اللائحة وإنما يهمه الحلول النهائية، لكن التنفيذي والتشريعي هو المعني بالدفع للأمام بالنظام أو اللائحة المستحدثة أو المراد تعديلها، والجهات التنفيذية والتشريعية في نظامنا الإداري تمثِّل الوزارات والهيئات الحكومية المماثلة المنضوية تحت مظلة مجلس الوزراء، ومجلس الشورى. مجلس الشورى - بالذات- نحمّله مسؤولية المبادرة في تقديم مسودة أو مقترح نظام تجريم الطائفية أو حث الجهة المعنية على فعل ذلك.

أكرر وألخص بأن ما حدث مهَّد لفكرة تأسيس نظام لتجريم الحث على الكراهية بناءً على مرجعية طائفية أو مناطقية أو قبلية. تأسيس مثل هذا النظام المهم سيبعث رسالة بأن التفاعل الشعبي والحكومي الرافض للإرهاب الطائفي، ليس مجرد ردة فعل عاطفية لا تدوم.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب