خطاط مصحف المدينة المنورة د. عثمان طه لـ«الجزيرة»:

مدرستي هي المصاحف التي قمت بكتابتها

المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:

تعد أساليب خط وطباعة المصحف الشريف من أعظم الأعمال المتصلة بالقرآن الكريم.. ولقد تعددت خطوط المصحف الشريف كما تعددت قراءاته.. ولا يذكر خط وطباعة كتاب الله الكريم في التاريخ المعاصر إلا ويذكر خطاط وطباعة المصحف الشريف بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور عثمان بن عبده طه الذي كان ولا يزال على مدار أكثر من نصف قرن متواصلا مع كتاب الله خطاً وطباعةً، وبمناسبة انعقاد ندوة (طباعة القرآن الكريم بين الواقع والمأمول) كان لنا هذا اللقاء مع الشيخ عثمان طه:

* كيف ترون ندوة (طباعة القرآن الكريم ونشره بين الواقع والمأمول) التي ينظمها مجمع الملك فهد؟ وما المأمول منها؟

- ((لا تجتمع أمتي على ضلالة))، والمأمول هو الخير إن شاء الله، لأن فيه عدم ترك المجال لأصحاب النفوس المريضة من التحريف والتلاعب في آيات القرآن الكريم ومعانيها.

* تبادل الخبرات والتجارب في كتابة المصحف وفي طباعته له دور مهم في تفادي السلبيات فما الذي يمكن الاستفادة منه؟

- يُقال (إن العِلم بين اثنين)، ويقول سبحانه وتعالى (وأمرهم شورى بينهم) ذلك بأن تبادل الآراء في أي علم أو أمر مع إخلاص النيَّة فيه كثير من الفوائد بالتمسك بالإيجابيات وتجنُّب السلبيات.

* لماذا لا يكون هناك معهد أو كرسي بحثي لكتابة وطباعة المصحف داخل جامعة من الجامعات؟

- أرى أن يكون في المجمّع نفسه مجلس خاص من الخبراء والعلماء يدرسون أوضاع العمل فيه من حيث كتابة المصحف وطباعته وإخراجه، ويفضَّل أن يكون هذا الاجتماع دورياً، وذلك بدلاً من إيجاد معهد أو كرسي بحثي بالجامعات.

* مسيرة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف حافلة بالعطاء والانجازات وأنتم عاصرتم البداية والعصر الذهبي: ما هي أبرز المحطات؟

- أقول بأن العناصر الأساسية في إصدار المصاحف هي كما يلي:

أولاً: حُسن الخط.

ثانياً: صحة الضبط.

ثالثاً: جودة الإخراج.

- أما حسن الخط: فإنني كخطاط للمجمع كرَّستُ حياتي لتعلُّم فنِّ الخط هذا منذ الصِغر، آملاً أن أكون خطاطاً للمصحف في المستقبل؛ ولذا أخذتُ مبادئ الخط العربي من عمالقةِ هذا الفنّ في هذا العصر.

أ- الأستاذ/ محمد بدوي الديراني: خطاط بلاد الشام الأول.

ب- الأستاذ/ محمد هاشم البغداي: خطاط بلاد الرافدين.

ج - الأستاذ الكبير/ حامد الآمدي -وهو تركي الأصل- عاش في مدينة اسطنبول، وكان يُعتبر شيخ الخطاطين في العالم الإسلامي.

- وأما صحة الضبط: فهنالك في المجمع لجنة من العلماء المختصين في علم القراءات، وهم يقومون بهذه المهمة على أكمل وجه.

- أما جودة الإخراج: فتعود على أهل الخبرة من العاملين في المجمع من إداريين وفنيين في مجال الطباعة منذ مدة طويلة.

- كتابة اسمك على مصحف المدينة المنورة الذي دخلت نسخه كل بيت وفي يد مليار مسلم: ما الذي يعني لك؟

- هذا شرفٌ كبيرٌ لي، ذلك بأن الله سبحانه وتعالى أسبغ عليّ هذه النعمة - الخط العربي- وله المنَّة والفضل أولاً وآخراً.

* أين هي مدرستك في كتابة المصحف؟ ومن هم تلاميذك؟

- مدرستي هي المصاحف التي قمتُ بكتابتها، منها يقتبِس التلاميذ حُسن الخطِّ وقواعده، مع هذا لا أضنّ على سائل بجواب.

* هل الخط مهنة بدأت في الانقراض في ظل التقنية الحديثة؟

- الخطُّ هِبة من الله سبحانه وتعالى للإنسان، أما باقي الأشياء من التقنيات الحديثة فهي مِعوانٌ له ليس إلا؛ ذلك أن الإنسان هو الأصل والأساس لكل علم وفنّ.

* ذكرياتك مع كتابة المصحف لم تقلها من قبل؟

- طُرفة: ذات مرّة، بعد أن كتبتُ صفحة من القرآن وذهبتُ لأداء الصلاة، وحين رجعتُ وجدتُ الصفحة قد أزيلت الكتابة منها، والورقة سليمة دون خدش أو جرح، فذُهِلت للأمر ولم أعرف ما حصل، وبقيت يومي أفكّر دون نتيجة. وأخيراً وبعد يوم عرفتُ السبب، وهو أن الأقدمين من الخطاطين كانوا يقولون إذا أضفت للحبر شيئاً من السكّر أو العسل فإنه يعطيه بريقاً وجمالاً، وعلى هذا تأتي الذباب وتأكل الحبر المحلاة دون إضرار بالورق.

* في الختام ماذا تود أن تقول للأمة الإسلامية؟

- أقول هنيئًا للأمة الإسلامية بإصدارات المجمع من المصاحف الشريفة المثالية، وذلك مما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود مشكورة واهتمام كبير برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- وأن هذه الإصدارات توزع كهدية للمسلمين في أنحاء المعمورة.