15-11-2014

اللعب بالكرة .. عند العرب

نعم.. عرف العرب منذ القدم اللعب بالكرة، بل لعل حقل جزيرة العرب كان منبت كثير من الألعاب الرياضية التي تلعبها المجتمعات الإنسانية في عصرنا الراهن.

والعرب اهتموا بالألعاب والمناشط الرياضية والبدنية، واعتنوا بها، واحتفوا بها.. وليس أدل على ذلك من أنهم اعتبروا (الرجل الكامل).

يذكر ابن سعد في (الطبقات الكبرى) أن أسيد بن حضير كان يسمى بـ(الكامل) لكونه يجيد الكتابة والسباحة والرمي.

ومثل أسيد ممن عُرفوا بـ(الكملة): سعد بن عبادة، أوس بن خولي ورافع بن مالك.

ومن ألعاب العرب التي أكتب بها حقل الرياضة في جزيرة العرب: ألعاب الكرة، وهي من الكثرة بحيث يصعب تعدادها.

ولذلك ستجد في قاموس اللغة العربية تعدد مسميات للكرة؛ وهو ما يؤكد ثراء أنواع وأشكال ألعاب الكرة عند العرب.

يذكر الفاكهي:

سأل علي بن أبي طالب رجلاً قَدِم من مكة: كيف تركتم قريشاً والناس بمكة؟!

أجاب الرجل: تركتها وفتيان قريش يلعبون بـ»الكرة» بين الصفا والمروة.

والرجل هنا لجأ إلى (المعيار الرياضي) لتأكيد استقرار الحال والأحوال؛ لأن ازدهار ممارسة الرياضة لا يكون إلا عندما يكون المجتمع في استقرار وأمان وتآلف.

كما أن في إجابته تأكيد لانتشار اللعب بالكرة، ووجودها الواسع في مجتمعات جزيرة العرب الحضرية.

ولذلك سارع الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بإنشاء ملاعب رياضية، من بينها ملاعب للعب الكرة (65هـ).

وازدادت ألعاب الكرة ازدهاراً في ظل مجتمعات الحضارة العربية المسلمة حتى صارت جزءاً من وسائل الترويح، وكذلك وسيلة للعلاج الطبي والنفسي، مع إدراك قيمتها لصحة وبدن ونفسية الإنسان.

ولذلك أدرك الأطباء العرب الأوائل قيمة الرياضة لصحة الإنسان، ومن بينها اللعب بالكرة، للكبير والصغير، الرجل والمرأة، والرضيع والحامل.. إلخ.

وتزخر كتب التراث بمؤلفات لا حصر لها في هذا الجانب، وتحديداً مؤلفات عن (اللعب بالكرة).. تحديداً!

وتختصر مقولة لابن النفيس مدى قيمة اللعب بالكرة في العلاج البدني والتربوي عند الأطباء العرب. يقول ابن نفيس: إذا تخاذل الصبي فطبطبوه. أي اجعلوه يلعب بالكرة.

ويذكر المسعودي والسيوطي أن هارون الرشيد لعب الكرة وقرب الحذاق في ذلك.

ما أوردته في السطور السابقة نقطة من بحر من حضور (اللعب بالكرة) في مجتمعاتنا العربية والمسلمة، ومدى اهتمامها بالرياضة وعنايتها بها، أفراداً وخلفاء وعلماء وفقهاء وأدباء.. إلخ. ممارسة وعناية وتأليفاً.

ومع ذلك، لا يزال هناك من يصادر قيمة ألعاب الرياضة، ومن بينها لعبة كرة القدم، ويعتبرها «تضييع وقت، وعبثاً لا فائدة منه»، بل «تحريمها» وأنها «أشد حرمة وضرراً من الخمر والميسر..»!! بحسب ما خلص به وقرر صاحب كتاب (حقيقة كرة القدم)، خلصه الله من جهله وشططه.

turkin@windowslive.com

مقالات أخرى للكاتب