16-11-2014

نحن وثقافة الكراهية

آخر مخترعات دعاة تكريس الكراهية للغرب زعمهم أن فيروس (أيبولا) القاتل والمنتشر في بعض الدول الإفريقية تم تحضيره كيميائياً في مختبرات غربية ومن ثم نشره بين البشر ليفتك بالأفارقة الفقراء!. وكان دعاة الكراهية يروجون بأن مرض ا(لإيدز) هو -أيضاً- من منتجات مؤامرات الغرب على العالم تم تركيب فيروسه كيميائياً في مختبراتهم.

الإنسان إذا تمكنت منه (ثقافة الكراهية) للآخر أي آخر تُسيطر عليه ويدور معها حيث دارت أحقاده بحيث يكون مُهيئاً لتصديق حتى المستحيلات؛ ويصبح عبداً رقيقاً لها تستحوذ على تفكيره وتستعبد معاييره فتختل نتائجه وأحكامه. ففي تقديرهم أن كل مصيبة مؤامرة، وكل الكوارث التي حلت بالمسلمين هم من كانوا وراءها.

بل هناك من يجزم أن أحداث 11 سبتمبر كانت مؤامرة دبرها الأمريكيون كمبرر ليحتلوا أفغانستان ويدمروا طالبان.. وكأن تلك الأمارة الظلامية (المفلسة) التعيسة دولة عظمى تنافسهم على قيادة العالم.

أتذكر أنني مرة حاورت صحوياً مسبّساً حتى النخاع تكاد أن تفيض نظرات عينيه بكراهية الغرب وأمريكا على وجه الخصوص كما هي ثوابتهم؛ قلت: الثري الأمريكي والمبتكر الشهير «بيل قيتس» تبرع بنصف ثروته التي تبلغ (65 مليار دولار) لفقراء العالم وليس لفقراء بلده أمريكا دون تحديد جنس أو لون أو عرق أو دين بما فيهم مسلمون ولم يبقِ لعائلته إلا القليل، ووعد أنه سيتبرع أكثر حسب ما تدره عليه شركاته من أرباح وإيرادات؛ بمعنى أنه أشرك العالم الفقير دون تفرقة في ريع حُرِّ ماله، فكيف يكون هذا (الغربي) النبيل والجواد الكريم الذي انتجته تلك الثقافة الغربية (يكرهنا) كما تزعمون لنبادل هذا الكرم (الحاتمي) بهذه الكراهية والبغضاء؟.. ثم هات لي مسلماً واحداً في مستوى نبله وأريحيته وكرمه؟.

فأسقط في يده ولم يجد إلا أن يقول: الله يحشرك معه!.

ثقافة كراهية الآخر دونما سبب أو مبرر هي بلا شك (وباء) ثقافي، لا يمكن أن يُبررها خُلق ولا دين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وكان من أخلاقيات العرب حتى في الجاهلية (ان تُحسن لمن أساء إليك) ويعدون ذلك من شهامة الرجال، فكيف بمن أحسن إليك واكتشف لك وللإنسانية، بمن فيهم المسلمون، كل هذه المكتشفات العظيمة؟.

أضلاع المثلث الذي يرتكز عليه الإرهاب ثلاثة مكونات: (الغلو في الدين والكراهية والعنف)، ومن المضحك أن يعتلي شيخٌ من مشايخنا منبره ثم يكيل لغير المسلمين، بل وكل مَن هم ليسوا على مذهبنا، كل عبارات الكراهية والبغضاء، ويصفهم بأعداء الإسلام.، ولو احتاج (فضيلته) إلى علاج فلن يتردد لوهلة في شد رحاله إلى بلاد الغرب والعلاج في مستشفياتهم وعند أطبائهم . ولو سألته لقال: أنا (ضد الإرهاب)!.

والسؤال: كيف تكون ضد النتيجة -(الإرهاب)- وأنت وثقافتك ومقولاتك وتقريراتك وخطبك هي من تُسوغ للإرهاب وتخلق مناخاً من الكراهية والبغضاء لابدّ وأن ينتهي بالعنف عملياً؟.. لا يمكن -سيدي- أن تكون ذا منطق سليم وأنت بهذا التناقض الفاضح!.

أخوتي الأفاضل: دعوني أضعها جلية واضحة؛ ثقافة الكراهية مهما كانت المبررات والأسباب هي ليست فقط الأساس الذي يتمركز عليه الإرهاب وإنما هي -أيضاً- السبب والباعث والدافع لكل الآفات التي تعيق انطلاقتنا ومسيرتنا التنموية وتُفرق بين مواطني بلادنا، ناهيك عن إعاقتها للتواصل مع مصادر الإشعاع الحضاري والعلمي في الغرب؛ فليس ثمة وباء ثقافي، فضلاً عن أية ظاهرة مرضية مجتمعية، إلا ولها أسبابها، وثقافة البغضاء للغرب والغربيين من أهم مسببات الإرهاب والتخلف.

إلى اللقاء،،،

مقالات أخرى للكاتب