16-11-2014

جدران تصنع الحرائق

في 9 نوفمبر 1989م، سقط جدار برلين، رمز الفصل الحديدي بين ألمانيا الشرقية الشيوعية وألمانيا الغربية الرأسمالية، وصارت ألمانيا ثم أوروبا واحدة موحدة، خاصة بعد تفكك المعسكر الماركسي، معسكر الاتحاد السوفيتي في 25 ديسمبر 1991م.

في 2 أغسطس 1990م، اجتاح الرئيس العراقي صدام حسين دولة الكويت، وأدخل الوطن العربي منذ ذلك الحين في عمليات فصل حديدية، بين مواطني كل بلد عربي، وبين كل بلد عربي وآخر.

التاريخ في كل دول العالم المتحضر يسير إلى الأمام، ويتيح للشعوب أن تتطور وأن تحظى بنعيم هذا التطور، من أمن وأمان ورفاهية وخدمات راقية هي الأحدث والأفضل. أما التاريخ في الدول العربية، فهو يهرول إلى الخلف دائماً. فبدل أن تحترم الدول سيادة بعضها البعض، فهي أما تغزو الدولة المجاورة عسكرياً، أو تتدخل في شؤونها، أو تأوي معارضيها وتمول انقلاباتها، أو تتحرش بحدودها، أو تسخّر إعلامها لمهاجمتها والنيل من كرامتها.

لقد تحولت دول العالم العربي إلى دويلات داخل الدولة الواحدة، وإن كان يحكمها نظام سياسي واحد، وذلك لأن التشرذم الفكري وصل إلى منتهاه، فأصبح الانتماء للأفكار وليس للأوطان، للأشخاص وليس للبلدان. وفي النهاية، صار الوطن متاهة، كل جدار يقود إلى جدار. أما من حولنا، ففي كل يوم يسقط جدار جديد، لينفتح الأفق للنور وللمسافات الخضراء المؤدية إلى التسامح والتعايش والعمل المبدع والابتكار الملهم.

إن جدراننا العربية المحصنة ضد السقوط، لم تهتم بصناعة عود ثقاب، كما اهتمّتْ بصناعة الحرائق.

مقالات أخرى للكاتب