16-11-2014

صدمة الهلال قوية.. اعذرينا يا دورة الخليج!

استغرب أبناء الخليج مستوى الاهتمام الإعلامي وتواضع الحضور الجماهيري السعودي في انطلاقة دورة الخليج، وهي حالة غير معهودة من وسط رياضي يُضرب به المثل خليجياً من حيث الصخب الإعلامي والإثارة الجماهيرية الكبيرة!

وتحدَّث كثيرون عن الأسباب. بعضهم يرونها تنظيمية، وبعضهم حمّل عدداً من البرامج الرياضية التي تستضيف التعصب، وتحرض الجماهير ضد المنتخب، المسؤولية. وهناك آخرون لا يساندون المنتخب؛ لأنهم يرون أن تشكيلته تجاوزت بعض لاعبي فريقهم المفضل!

أما الصوت الذي طغى على ساحة الدورة الخليجية فيرى أن خسارة الهلال البطولة الآسيوية هي السبب الأبرز قناعة، بأثر الفريق الهلالي وتأثيره البالغ في الوسط الرياضي السعودي فنياً وجماهيرياً وإعلامياً، وأن هذه الخسارة تقف وراء إطلالة دورة الخليج الهادئة؛ فالهلال قبلها عانى صدمة سيناريو النهائي الآسيوي، وأخطاء الحكم الذي تم إيقافه ستة أشهر بعد خراب مالطا!

وصدمة الهلال أحزنت عشاقه الذين يشكلون الأغلبية في الرياضة السعودية، وأسعدت غيرهم ممن يضعون خسارة الهلال أولاً ثم فوز فِرَقهم المفضلة ثانياً، ربما (غيرة) من الهلال لتفرده بشعبية جارفة، ولفارق البطولات بينه وبين منافسيه. ولهذا، ومثلما بلغ الأسف مبلغه من الهلاليين لخسارة الآسيوية، وخلق جفوة بينهم وبين متابعة كرة القدم، كان الفرح في قمته بين غير الهلاليين - جماهير وإعلاميين - بعد أن حقَّق لهم فريق سيدني ما لم يكن في حسبانهم، وأغناهم عن متابعة ما بعد الهلال من أحداث!

لكن ما أرجوه هو أن يقفز جمهورنا الرياضي فوق كل تلك التفسيرات والتبريرات؛ فمرحلة الآسيوية انتهت، ونحن أمام ما هو أهم، حيث تلبية النداء، والوقوف خلف منتخب الوطن؛ فهو يحتاج إليهم؛ ليحقق آمالهم. كما أرجو أن تعي البرامج الرياضية مسؤوليتها؛ وتدعم المنتخب والدورة، وتُبعد الأصوات النشاز؛ لتكون منافسات البطولة الخليجية هي محور تلك البرامج، وتفويت الفرصة على من يعمل لتهميش الدورة، وتأصيل نظرتنا الدونية لمنافساتها!

نعم، لقد تكبرنا كثيراً على دورة الخليج، حتى أن بعضنا طالب بإلغائها بحجة أنها حققت أهدافها، وأن الكرة الخليجية تجاوزت مرحلة دورات الخليج، وانطلقت آسيوياً وعالمياً!

لكن ما غفل عنه هؤلاء هو أن أهمية دورة الخليج تكمن فيما تقدمه للكرة الخليجية من منتجات، سواء على صعيد البنية التحتية، أو تأهيل القيادات الإدارية والفنية، وتطوير إمكانات النجوم بفعل المنافسة والإثارة التي تحفل بها الدورة، التي لم تتراجع أهميتها، بل نحن الذين اختلفنا وتغيرنا وتراجعنا، وتركنا للدورة تاريخها فقط هو من يحرسها ويدافع عنها!

فبعد أن طورتنا دورة الخليج، وأهّلت عدداً من منتخباتنا الخليجية للفوز بكأس آسيا، والوصول إلى نهائيات كأس العالم، تمردنا على هذه الدورة التي أسست لكرة القدم الخليجية، وشُيدت من أجلها المنشآت والملاعب، وعلمتنا عشق كرة القدم، وقدمت لنا قيادات رياضية تاريخية ومعلقين وإعلاميين وحكاماً ونجوماً كباراً، وصرنا نشارك فيها من باب تأدية الواجب، ونختلق الأعذار لعدم الاهتمام بها، ونردد ونكرر «غير معترف بها»!

يا دورة الخليج، اعذرينا؛ فقد أعمانا الغرور بعد أن فزنا بكأس آسيا وشاركنا في كأس العالم، وتنكرنا لجميل أفضالك على كرتنا الخليجية، ووضعناكِ في آخر اهتماماتنا الكروية؛ فدمرنا الغرور، وخسرناك بطولةً ولادةً مثيرةً محفزةً، وفقدنا مكتسباتنا في الآسيوية والعالمية، وتراجعت كرتنا، وغاب النجوم الحقيقيون، واتسع فضاء الإعلام الرياضي؛ فزاد الجدل والجهل، وصرنا نتنافس خارج الميدان أكثر من داخله!

اعذرينا يا دورة الخليج على رؤيتنا الفنية لك بأنك أصبحتِ متخلفة في منظومة كرة القدم الحديثة، التي نظن أننا جزء منها، فيما واقعنا يشهد بأننا نتطور شكلاً، ونتخلف موضوعاً!

اعذرينا يا دورتنا العزيزة على قلوبنا؛ فحتى جماهيرنا الرياضية الخليجية ذهبت بعيداً عنك، فبعد أن كنت تقربين القلوب، وتجمعينها حول منتخباتها الخليجية، تباعدت اليوم، وصارت تركض خلف أنديتها، يؤججها إعلام متعصب!

اعذرينا يا دورتنا الحبيبة؛ فالتغطية الإعلامية لمنافساتك باتت تتركك، وتذهب بعيداً عن أجوائك في كثير من البرامج المخصصة لك، وحتى ضيوفك من الإعلاميين لم يحترموا ضيافتك لهم، وتجاهلوك، وصاروا يتحدثون في قضايا بعيدة عنك، يدفعهم التعصب والبحث عن الشهرة!

يا دورتنا الغالية على قلوبنا، يكفيك أن الواقع المر لكرة القدم الخليجية أنصفك، وكأنما هو يقول لنا «لن تعودوا إلا بالعودة إلى دورتكم بأجوائها المثيرة المحفزة على النجاح والتحدي؛ لتصنع لكم من جديد جيلاً رياضياً، يذكركم بقادتكم الرياضيين السابقين ومنتخباتكم العريقة وبنجومكم الكبار، الذين لا يزالون في صدارة قائمة نجوم الكرة الخليجية والآسيوية رغم سنوات الرحيل الطويلة»!

آمل أن تشهد مباريات الدورة اليوم عودة الإثارة والجماهير والأهداف؛ لنستمتع بأجواء دورة الخليج الحقيقية.

(تغريدة أعجبتني)!

** السيد جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم أكثر شخصية حضرت افتتاح دورات الخليج، مع أن الفيفا لا يعترف بالبطولة!

(اضحك)!

بعد أن أعلن المسؤول الآسيوي إيقاف الحكم الياباني، حكم نهائي الهلال وسيدني، بسبب عدم احتسابه ضربات جزاء للهلال، وتأثيره في نتيجة المباراة، علق إعلامي نصراوي ودافع عن الياباني، وقال إن العقوبة قاسية. فضحك المسؤول الآسيوي، وقال: «أنت تبينا نكرمه»!

مقالات أخرى للكاتب