فلتجمع الزملاء علاقات جيرة وليس روابط عائلية

بقلم - آرت ماركمان:

تشير البحوث إلى أننا نستطيع تقسيم العالم إلى أنواع عدّة من العلاقات، مع الإشارة إلى ثلاثة أصناف من الناس يكتسون أهمية خاصة في سياق الأعمال، وهم الغرباء، والعائلة والجيران.

إنّ الغرباء أشخاص لا تربطنا بهم علاقة وطيدة، وإن احتجنا إلى مساعدتهم اضطررنا إلى دفع المال مقابل خدماتهم. أمّا أفراد العائ لة، فهم أشخاص تجمعنا بهم روابط قربى، ونفعل كلّ ما يلزم لأجلهم، من دون أن نتوقّع أيّ مقابل في أغلب الأحيان. وبين الغرباء وأفراد العائلة، يأتي الجيران – وهم أشخاص تجمعنا بهم علاقة قريبة نسبياً، فيعرضون علينا المساعدة، ويتوقّعون منّا مساعدة بالمقابل.

ليس من المحبذ أن يتألّف مكان العمل بشكل أساسيّ من الغرباء، لأنّ كلّ تفاعل معهم سيتحوّل إلى صفقة تحصل فيها على خدمات مقابل بدل محدّد، كما أن الغرباء لا يملكون أيّ حافز للخروج عن نطاق واجباتهم لمساعدة الشركة على تحقيق أهدافها. وبالطريقة ذاتها، ستكون معظم المؤسسات في خطر إن تصرّف موظفوها كأفراد العائلة، لأنّ الرغبة في المساهمة بالدرجة ذاتها لن تشمل جميع الموظّفين، فتكون بالتالي طريقة عمل غير فعّالة ومثيرة للإحباط.

ولكن مع جيراننا، نحاول إنشاء توازن بين ما نفعله لأجلهم وبين ما نحصل عليه منهم مع الوقت، فنطوّر تعهدات يتشارك الجميع فيها رؤية واحدة، ويتفقون على بذل ما في وسعهم لتحقيق هذه المصالح المشتركة. وتجدر الإشارة إلى وجود طرق عدّة لتعزيز علاقات الجيرة في مكان العمل:

-التدريب: توفّر شركات عديدة فرص تدريب واسعة النطاق لموظّفيها، وتمنحهم فرصة لتطوير مهارات على صلة بالعمل، وأخرى ذات طابع شخصي، فيعكس ذلك اهتمام المؤسسة بتحقيق مصلحة الموظفين على المدى الطويل.

-منح الموظّفين فرصاً للتواصل مع المسؤولين: كي يكون الموظّف جزءاً من محيط الجيرة، يجب أن يشعر بأن المؤسسة تعرف من يكون، وبأنّ اهتمامها ليس اهتماماً بالناس عموماً، إنّما اهتماماً به على وجه الخصوص.

- السعي لتحقيق غاية مشتركة: تربط بين جيران السكن رغبة في إنشاء مجتمع يستفيد منه الأشخاص المقيمون فيه. وبالطريقة ذاتها، من الضروري أن تتمتّع الشركات برؤية مشتركة تتجاوز نطاق الأفراد.

-منع «الجيران» من التحوّل إلى غرباء: يكمن أكبر دليل على تدهور علاقات الجيرة في بدء الموظّفين بالبحث عن مبررات للامتناع عن دعم مبادرات أكثر شموليّةً ضمن المؤسسة، بسبب العمل الأضيق نطاقاً الذي تمّ تفويضهم به. وعند حصول ذلك، يجب أن يثبت المدراء أن المؤسسة تهتمّ لأمر موظّفيها، وأن يذكّروهم بما يربطهم بالهدف الأسمى. مع أنّ حفظ محيط الجيرة يتطلّب جهوداً وموارد، سرعان ما يأتي هذا الاستثمار ثماره.

- (آرت ماركمان - هو أستاذ في علم النفس والتسويق في جامعة تكساس في أوستن.

وهو محرّر مجلّة العلم المعرفي «كوغنيتيف ساينس»، ومؤلّف كتاب بعنوان «التفكير الذكي» Smart Thinking).

موضوعات أخرى