19-11-2014

غيمة وانقشعت

يوم أعلن إقامة مجلس التعاون لدول الخليج العربية أبدت دول إقليمية امتعاضها، بل حتى بعض العرب اعتبره خروجاً عن منظومة جامعة الدول العربية التي كانت وما زالت عاجزة عن تحقيق طموحات وأهداف العرب، وإضافة إلى بعض العرب المتوجسين كشفت إيران ونظامها الذي لم يخف مساعيه بتصدير إرهابه وفوضاه إلى دول الخليج العربية ولم يتوقف موقفها من التوجس من المنظومة الخليجية، بل كشف عن عداء واضح لهذه المنظومة التي تهدف إلى تطوير ودفع التعاون بين دول الخليج العربية الست، والإيرانيون لا يريدون أي تعاون أو تلاق لدول الخليج العربي لأنهم لا يخفون أطماعهم في هذا الإقليم ودوله، فحتى دورة كأس الخليج العربي حاولوا إلغاءها بالضغط على دول الخليج الثلاث في بدايتها، (المملكة والبحرين والكويت)، ولكن إصرار أهل الخليج العربي جعل دورة الخليج العربي تستمر وها هي تقيم دورتها الثانية والعشرين وتقطع من عمرها أربعاً وأربعين عاماً، كما يستمر مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يصر قادته على بقائه واستمراره وتطويره إذ يؤكدون دائماً بأن مجلس التعاون أقيم ليبقى.

وهكذا فقد تجاوز مجلس التعاون كل العقبات والخلافات التي كادت أن تعصف به، إلا أن تلاحم أهل الخليج وحكمة قادتهم جنّب المجلس التعثر فضلاً عن الفشل الذي أصاب مجالس عربية أخرى، ولعل (الغيمة) الأخيرة التي طغت على سماء الخليج طوال تسعة أشهر أثارت الغبطة لدى الحاسدين الذين لا يريدون لأهل الخليج الخير، وحاول أعداء العرب والخليجيون انتهاز هذا الخلاف واختراق جدار التعاون والتلاحم الخليجي، إلا أن الحكمة الخليجية تغلبت في الأخير، واستطاع قادة دول الخليج العربية معالجة أسباب الخلاف الذي يجب ألا نتوجس منه، فالدول مهما كانت متقاربة تحصل بينها خلافات، مثل أبناء البيت الواحد، إلا أن البيت الواحد يظل متماسكاً حينما يشعر أهله ويستشعروا اللحمة الواحدة التي تربطهم، وهكذا هي دول الخليج العربي التي هي في الأساس إقليم واحد، كما أن أسباب الخلاف واردة من خارج الإقليم إذ إن دعم جماعات أثبتت الأحداث بأنهم لا يريدون الخير لأهل الخليج وأنهم سعوا وما زالوا يسعون لتدمير دول ومجتمع الخليج من خلال نشرهم لأفكار وسلوكيات تفرق ولا تجمع، أمرٌ مرفوض، وبما أن دول الخليج العربية أجمعت على نبذ هؤلاء وبالذات جماعة الإخوان المسلمين، فإنه من الطبيعي أن تعتب على دولة قطر لدعمها هذه الجماعة التي تسعى إلى الهيمنة والسيطرة على الإقليم الخليجي لتطبيق أيدلوجيتها التي رفضها معظم المسلمين وأهل الخليج العربي منهم.

الآن عاد سفراء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وبعد أيام ستحتضن دولة قطر القمة الخليجية القادمة التي ستشهد إضافات جديدة تقرب حلم وطموح أهل الخليج العربي بالوصول إلى الاتحاد الخليجي المرتقب.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب