20-11-2014

عودة الدوحة

منذ 1981 لم تمر أزمة علاقات بينية بحجم أزمة العلاقات مع دولة قطر والتي اجتاحت المشهد السياسي منذ 8 أشهر وأنهتها قمة الصلح في قصر خادم الحرمين الشريفين بالعاصمة السعودية الرياض. الأزمة لم تنشأ من العدم، والحل لم يأت من خارج المجلس، الفضل بعد الله لحكمة الديبلوماسية السعودية بقيادة الملك عبدالله، والقادة الخليجيون الذين حاول كل منهم أن يبتعد قليلا

عن دور الخصم ويقترب إلى دور الحكم، لأن لا احد منهم يتخيل البقاء وحيداً في زمن صعب ووسط مشكلات أمنية وسياسية هنا وهناك.

نعم تختلف سياسة الدول الثلاثة (السعودية والإمارات والبحرين) مع سياسة قطر، ولكن لم ترغب أي من هذه الدول أن تتحول الخلافات السياسية إلى معركة كسر عظم، لم ترغب السعودية مثلاً أن تجعل الحل مذلاً للجارة الشقيقة، كما تتفهم الظروف الداخلية والمتغيرات الجارية، ولم تفكر في استخدام الذراع القوي حتى لا تتفاقم الأمور، وتخسر قطر عمقها الإستراتيجي وتخسر السعودية جزء لا يتجزأ من تاريخ وحاضر ومستقبل إقليم عشنا وسنعيش فيه سوياً، وليس من الحصافة أن تخسر جيرانك طالما هناك مساحة للحوار والتواصل والتأكيد على المشتركات الكثيرة.

روعة وفرادة العلاقات الخليجية أنها لا تترك للمشكلات مجالاً لتكبر أكثر من اللازم، وهنا نشيد بدور أمير دولة الكويت الشيخ صباح الذي حمل على عاتقه مهمة التوفيق بين الأشقاء، والجميل أن التواصل لم ينقطع حتى عندما سحبت الدول الثلاثة سفرائها، وهذا يعني بأن العلاقات الشخصية والعائلية لا تخضع لموازين السياسة بل مرتبطة بالأواصر الاجتماعية التي لا يؤثر بها شيء، خصوصاً عندما يكون القادة مؤمنين بالتعاون وبالمسيرة التي بدأت لتنمو وتزدهر، لا لتتوقف وتندثر.

نعم هناك مرتزقة يقتاتون على الخلافات، يجب أن نتعاضد لمحاربتهم سوياً، يجب أن نحارب عدونا الأول وهو الإرهاب، وأن نرفض جميعا الأحزاب الدينية والمتطرفة، وأن لا يكون الخليج ضحية لأجندات إعلامية مشبوهة، تسعى للتأليب وهز السلم الاجتماعي، وتوقد نيران الفتن بلا شعور بالمسؤولية.

قطر اليوم ستطوي صفحة وتفتح صفحة جديدة، وهي واثقة بالنسيج الذي تنتمي إليه، وستفتح دول الخليج صفحة جديدة، بعد آلام وجراح وصدمات عبرت عنها اللغة السياسية والمواقف المتخذة، وجاء وقت الفعل الذي لن يكون أقل من المتوقع بحسب ما تحدث به مسؤولون حكوميون خليجيون، والشعوب الخليجية الفرحة بالمصالحة متلهفة لمرحلة جديدة تكون الدوحة فيها أكثر قرباً ودفئاً.

قمة المصالحة خيبت آمال من ارادوا إختراق الجسد الخليجي، ومن يسعون لتدمير الروابط المشتركة، ومن اصطادوا في الماء العكر إبان الخلاف، ببذائتهم وتهجمهم الاسترزاقي، وعلى كل دول الخليج التركيز على القضايا التي تمس أمنها واقتصادها، فالمستقبل القريب قد يحمل مفاجآت غير سارة، طالما نعيش في معترك أزمات تتفجر بين الحين والآخر، وفي ظل وجود نظام الأسد الحاقد في دمشق، ومع انخفاض أسعار البترول الذي لا يعرف حدوده، ولم يوجد هذا المجلس إلا لمثل هذه القضايا الهامة... ويبقى خليجنا واحد.

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب