22-11-2014

وهذه خيانة كبرى

تزداد عندي الظنون بأن الكثير من ممارسي تهريب المتسلّلين ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل هم من مزوّري بطاقات الهوية الوطنية ويتعاون معهم فئة تحمل بطاقات إقامة مزوَّرة كذلك، وهذا لا يعني انتفاء أن من المواطنين من يرتكب هذه الخيانة الكبرى لوطنه ومواطنيه، نعم هي خيانة تندرج - في رأيي- بالخيانات العظيمة المنكرة بحق أمن الوطن وطمأنينة أهله وتماسك فئاته ومتانة اقتصاده، هذه حرب واستهداف لبلادنا واستقرارنا وأمننا وأخلاقنا، سواء كانت منظمة أو بحماقات وجرائم فردية بحق الوطن، هي بأي صورة جاءت وكانت وتكون؛ حرب من شأنها خلخلة المجتمع بأمنه واقتصاده وأخلاقه، فماذا بقي؟! هي أعمال غير منضبطة ولا مسئولة يقترفها جماعات وأفراد لا يهمهم منها سوى المردود المادي الحرام، هذا إذا افترضنا حسن الظن بأنهم مجرمون أفراد يبحثون عن المال ويخاطرون من أجله، غير أن مؤشرات تظهر إمكانية عمل إجرامي منظّم تديره أيدٍ خبيرة قادرة على دعمه، وهو الأمر الذي يدفع للدعوة لمواجهة الطُغمة الباغية والمحركات الخارجية المفسدة - إن وجدت- بطريقة رادعة تُبرهن على المقدرة والكفاءة، بعد استنفاد كل الحلول المُتّئدة وضبط النفس، فكل مواجهة لها حساباتها وعدتها:

(وإذا لم يَكُن إلاّ الأسِنّة مركباً

فما حيلة المُضْطر إلاّ ركوبها)

ومما يدعو للتأمل تزايد قطعان المتسلّلين جماعات تتبعها جماعات بلا انقطاع، قلت (قطعان) مع احترامي لبشريتهم؛ لأنهم لم يحترموا حرمة وقوانين وأنظمة بلاد ليس لها ذنب تجاههم، إلا أنهم يرونها دوحة أمن واستقرار وخير وفير، غير أن هذا لا يبيح لكل من لم يجد هذه النعم في بلده أن يتجنى ويتعدى على حرمات بلد آخر، وحينما كانت أجزاء من بلادنا تعاني من ضيق ذات اليد كان الأجداد يسافرون إلى أنحاء المعمورة طلباً للرزق وما عُرف عنهم إلا الصدق والأمانة ونشر الحق والفضيلة حتى إن أهل تلك الأنحاء قرّبوهم وزوّجوهم وما زالت أعقابهم هناك على تواصل مع جذورهم هنا، ثم ملاحظة هامة هي أن كثيراً من العمال الوافدين يتركون مهنهم الأصلية ويتجهون للتهريب بأنواعه وهو مؤشر على فائض من العمالة سببها كثافة الاستقدام بحيل شتى والاتجار بالتأشيرات وترك العمالة سائبة تعبث وتعمل ما تشاء، ولعل الأنظمة الجديدة إن طُبّقت بحزم أن تحد من الظاهرة، ومن متابعة سريعة لجملة من الأخبار تتضح للمهتم كثير من الصور التي تشرح القضية، ويا لها من قضية: دوريات القوات الخاصة بأمن الطرق بالرياض أوقفت قبل أيام (بالقوة الجبرية) مواطناً حاول الهرب بسيارته وتم الكشف عن نيته لتهريب خمسة عشر مخالفاً لنظام الإقامة والعمل، وفي النماص كمثال وخلال يوم واحد تمكنت الشرطة من القبض على 87 من مجهولي الهوية، تأمّل الرقم كحصيلة يوم لتستشعر مدى الجرم، ومركز الضبط الأمني بالفريش بالمدينة المنورة ضبط مؤخراً مهرباً برماوياً يحمل خمس فتيات متخلفات من الجنسية التشادية، وهذا لم يحترم البلد الذي يؤويه، ومثله الباكستاني الذي أطيح به بمركز الفريش أيضاً مهرباً لمجموعة من مجهولي الهوية مقابل مبالغ مالية طائلة، إذاً فهؤلاء وأمثالهم عالة على بلادنا ومصدر للشر يجب اجتثاثهم.

@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب