22-11-2014

خطوة جيدة، ولكن ماذا عن؟

على غير العادة، وكما تقتنص غالبية الزوايا والأعمدة الصحفية، الأخبار السلبية التي (تنكد) على المواطن، سأختار مقتطفات مشجعة وإيجابية من صحافة هذا اليوم: تم توطين 75% من العاملين بمشروع قطار الحرمين السريع... تستعد أكثر من 27 منشأة لطرح أكثر 1975 فرصة وظيفية للشباب السعودي برواتب تتراوح بين خمسة آلاف وخمسة عشر ألفاً... يطرح الفرع النسائي في الغرفة التجارية الصناعية في الخرج، الأحد المقبل، مجموعة من الفرص الوظيفية النسائية بالتعاون مع إحدى الشركات الوطنية... إلى آخره من الأخبار الإيجابية!

وسنقرأ أيضاً أخباراً (حلوة) عن العمل عن بعد، يعني اجلس في بيتك واعمل، وسيتم تحويل راتبك على حسابك البنكي (وفي رواية اجلس في بيتك ولا تعمل، وستجد آخر الشهر راتبك في بنكك، فاسمك مدوّن في كشوفات المؤسسة سين حتى لو لم تعمل!) فأيّ رفاهية تنشدها أكثر من ذلك!

ولو تابعنا أيضاً، على مستوى الأخبار المحفّزة، من غير وزارة العمل، سنجد الكثير من الأخبار المفرحة من وزارات الإسكان والصحة والتعليم وغيرها، فلا عجب أن نقرأ عن مستشفيات بسعة أسرة جيدة، ولا عن الإعلان عن دفعة جديدة من أسماء المتقدمين لقروض صندوق التنمية العقارية... هذا كله جيد، ولكن حين نعقد المقارنة، ونتأمل المستقبل نكتشف أنّ ذلك حتى وإن كان يبدو جيداً، لكنه لا يعني شيئاً أمام النمو السكاني المتدفق!

فحينما نتذكر أنّ حجم البطالة يصل نحو 652 ألف مواطن قادرين ومؤهلين للعمل، نزم شفاهنا عن طرح وظائف تصل إلى بضعة مئات أو حتى ألف أو ألفيْ وظيفة، خاصة إذا راجعنا حجم الخريجين السعوديين والسعوديات سنوياً، بمعنى أن المعدل السنوي ينمو، لأنّ ما يطرح من وظائف، أو حلول للبطالة، لا توازي حجم القوى العاملة الجديدة سنوياً، لذلك أشعر أن مجرد محافظتنا على معدل البطالة، وكبح جماحه من سنة إلى أخرى، هو خطوة مهمة للغاية، ومن ثم التفكير في كيفية جعله ينخفض من سنة إلى أخرى!

نعم لدينا مشاكل في توفير قوى وظيفية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، فما زالت لدينا تخصصات جامعية تضخ المئات من الخريجين سنوياً، لا تتوفر لها أي فرص وظيفية، وهذا الأمر مستمر منذ ثلاثين عاماً، وكأن الحلول اقتصرت على إيجاد دبلومات بعد الجامعة هدفها تحوير هذا التخصص أو ذاك، فماذا يفعل خريجو التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع، بل وحتى التخصصات الحديثة والمهمة في بلدان أخرى، كرياض الأطفال والاقتصاد المنزلي على سبيل المثال، إذا لم تكن ثمة فرص مناسبة لمثل هذه التخصصات، حتى وإن كانت حديثة ومهمة... فالسوق لا يرحم، وهو بالضرورة نفعي جداً، يبحث عن احتياجاته فقط!

وينسحب الأمر على عدد المستشفيات الجديدة، وعلى قروض صندوق التنمية العقارية المعلنة... حيث السؤال المهم كم ازداد حجم الحاجة إلى أسرّة المستشفيات هذا العام قياساً بما تم إنجازه للعام نفسه؟ وكم تقدّم إلى صندوق التنمية العقارية هذا العام، قياساً بما تم الإعلان عنه من دفعات مواطنين مستحقين، أعلنت أرقامهم بعد سنوات طويلة من الانتظار؟ نحن - يا سادة - نعاني من نمو سكاني مستمر، لا يقابله - للأسف - خطط مستقبلية واعدة!

مقالات أخرى للكاتب