24-11-2014

فتح ملف رعاية الشباب (2-2)

ذكرت في المقال السابق أنّ أي تأخير في فتح ملف الرئاسة العامة لرعاية الشباب يُعد تراخياً وتهاوناً في مقدرات الدولة، جاء ذلك على خلفية ملاحظات أعضاء مجلس الشورى الأسبوع الماضي وكشفهم عن قضايا عدة وتجاوزات في رعاية الشباب، أوجزتها في القضايا التالية: المالية، الإدارية، الوطنية، الأخلاقية . ذكرت المالي والإداري، وأكمل الوطني والأخلاقي.

الوطني: خصصت الدولة ميزانيات ضخمة سنوية لرعاية الشباب، وكان من ضمن أهداف رعاية الشباب، تعزيز الجانب الوطني لدى الشباب والفئات التي يخدمها هذا القطاع من أجل الاستقرار وعلو الروح الوطنية لتساعد في تماسك جسد وبناء الدولة، لكن رعاية الشباب (غفلت) أو تم تغييب هذا الجانب ليحل مكانه النادي واختصر الوطن باسم النادي، حتى بدأنا نسمع شعارات كانت تطلق على الوطن أصبحت تطلق بلا تحفظ على النادي مثل: الكيان والأمة. وأصبح الولاء والانتماء ينساق إلى النادي ليكون لا سمح الله الولاء للأندية لا للوطن، وهذا بسبب بعض قرارات رعاية الشباب عندما لا تكون المسافة بينها وبين الأندية متقاربة، وحين تكون قيادات الرعاية وموظفوها طرفاً في صراع الأندية الكبيرة، وبعض المسؤولين في الرعاية يعملون بالسر والعلن من تحت وفوق الطاولة لمصلحة أنديتهم فتغيب المصلحة العامة. تحولت رعاية الشباب أشبه بالمحاصصة الإدارية بين الأندية الكبار، لكل نادٍ حصته حتى اقتسموا (بلا عدالة) اللجان والمناصب ومنتخب كرة القدم والاتحادات والقرارات وربما الميزانيات عبر دائرة الأعضاء المغلقة والضيقة.

محاصصة الأندية أصبحت تقليداً أصيلاً في إدارة العمل برعاية الشباب، حتى يمكن القول إنّ بعض المصالح العامة الكبرى أذيبت في مصالح ومكاسب شخصية وأصبحت بعض القرارات تصدر من الأندية، وهذا ساهم في غياب الحماس الوطني للمنتخبات الوطنية، واعتقد لولا الحياء وبعض الروادع لشاهدنا بعض الجماهير رافعة رايات وشعار أنديتها في مباريات المنتخب، نتيجة لتفريط رعاية الشباب وقبولها أن تبقى تحت مظلة وتأثير الأندية الكبيرة لا أن تعبر عن نفسها.

الأخلاقي: من الأهداف المباشرة لرعاية الشباب زرع القيم الأخلاقية لدى الشباب وهي من الأهداف العليا للرياضة العالمية، وقبل ذلك هي من القيم الإسلامية التي يطالبنا بها ديننا وحثنا عليها، لكن واقع الرياضة السعودية غياب في بعض الحالات لعامل الانضباط الأخلاقي والقيمي لدى أهم محرك للشارع الرياضي لدى بعض المسئولين في رعاية الشباب، مثل: التجاوزات المالية والقرارات ذات الميل والأهواء، والتخلي عن المسؤولية الإدارية والوطنية، بترك الوسط الرياضي ينحدر في الإسفاف والتعدي على الحقوق الخاصة التي تمس الأشخاص، دون تدخل رسمي لحماية القيم الرياضية عبر أنظمة وعقوبات وبرامج ترفع من الجانب الأخلاقي لدى الوسط الرياضي.

أشعر أنّ الميزانيات التي تخصص لرعاية الشباب قد يذهب بعضها للخطأ، في ظل غياب المحاسبية واتساع دائرة التجاوزات الإدارية والمالية، وانفلات القيم الأخلاقية في السلوكيات الرياضية، وتراجع المغذيات الوطنية، ان أموال الدولة تصل للمنتفعين والممسكين بمعاول الهدم.

مقالات أخرى للكاتب