25-11-2014

عبد الرحمن الراشد..!

مجرد اسمه يركب عنواناً صحفياً مثيراً، تختلف ،تتفق لا يهم ،الا ان المعلم الصحفي الذي ترجل مؤخرا عن عرشه الإعلامي ، سيكون في الذاكرة الاعلامية لوقت طويل،لجيل واكثر..

يجوز لي اليوم ان اكتب عن مديري السابق - الصديق الدائم -كما لم افعل من قبل، بعد ان رحل طوعا واختيارا.

الرجل مهني استثنائي لا تملك الا ان تتعلم منه ،حتى وان اصابك الحرقان بصمته احيانا في قمة الضوضاء، أو تجاهله لبعض الزوابع العابرة عن سبق اصرار و ترصد،الا ان ذلك كان جزءا من سلوك اداري يفتح المساحات ولا يغلقها ،مثل مكتبه تماما،والذي ظل مفتوحاً في وسط غرفة الاخبار،وغير معه سلوك ونمط وعمل غرف الاخبار في القنوات العربية، وضع بصمته،وفرض اسلوبه ليس على القناة التي يديرها ولكن على القنوات المنافسة في الوقت ذاته.

استقال عن اصرار متكرر رغم تكرر ذات الابتسامة في كل مرة يذاع فيه الخبر، أو ترتفع بورصة الاشاعات، لكن كل من عمل معه مارسوا حالة انكار، انكار لقرار كنا نرجو ان يكون مؤجلاً.

اعاد تاسيس العربية،او كما قال رئيس مجلس إدارة ام بي سي الشيخ وليد الابراهيم ،في تجمع كبير بجدة قبل أعوام ، ان الراشد استلم العربية من طابق واحد ،قبل ان يحولها الى ناطحة سحاب.الى مبنى في واجهة العالم، وفي قلب تاثيره.. !

عبدالرحمن الصحفي دائما والذي حافظ على قلمه مستقلا ومختلفا رغم المهمات الإدارية والزوابع السياسية اختار المهنية اسلوباً ثابتاً ، لم يكن صحفياً وحسب ، كان وطنيا من الدرجة الاولى، وطنيا بشكل غير تقليدي ورؤية مستقبلية أوضح ما تكون.هل لكم ان تتخيلوا ماذا كان سيحدث في ازمة ماسمي بـ «الربيع العربي» دون شاشة العربية..؟!

حتى في قمة المواجهات والتحولات السياسية ولعقود ثلاثة من مجلة المجلة الى الشرق الأوسط ثم المرحلة الاصعب -ربما- العربية ومولودها الحدث ، كانت المواقف المهنية أو المواجهات الإعلامية السياسية لا تنظر الى كل تلك الضوضاء التخريبية أو المشككة ،كان قطار المهنية وتفوق العربية يسير باناقة فذة ومطلقة.

حين دخل العربية لم يكن عدد السعوديين أو العاملين فيها يكاد يذكر، خرج منها وفيها جيش من المحررين والمعدين والاداريين.حين دخل العربية كان صباحها مثل كل الصباحات قبل ان يضع لمسته الاولى بطعم البرتقال ليقدم»صباح العربية» الذي اصبح تقليداً في المحطات العربية المحلية والاقليمية.

حين دخل للعربية، كانت علاقة الاخبار بالرأي علاقة سيامية، لكن الجراح الماهر استطاع فصلهم بدقة، ليصبح ما للخبر للخبر وما للرأي للرأي، وهو ما اصبح عدوى مهنية ايجابية وحميدة في غرف الاخبار العربية.

حجم الصراخ على الشاشة واستبدله بالمعلومة، ببساطة رسم طريقاً جديداً للمهنية،طبعا لم تكن كل ايامه سعيدة أو مهمته سهلة، كانت هناك مواجهات مع امواج تحاول أن تغير الوجهة، وصخور راسخة في القاع قد تخرج فجأة ،لكنه كان يدير الدفة بحرفية عالية، ونفس اطول.

قلت قبل أسابيع قليلة ان كل الجدل الحاصل حول شخصية عبد الرحمن الراشد ،وكل بورصة الإشاعات اللامتناهية وزيرا أو سفيراً..الخ، تؤكد ان الرجل تربع خلال العقود الاخيرة على قمة الاعلام السعودي لجيل أو اكثر..سيرته أو تجربته تستحق التدوين لتقدم دروساً في الاعلام والادارة في آن.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب