25-11-2014

مستجداتنا و التكامل الإستراتيجي 1

عدت من البحرين قبل يومين بعد أن شاركت في الملتقى الخليجي الثالث للتخطيط الإستراتيجي. وأتفق مع ما جاء في الدعوة التي وصلتني من د. فهد ابراهيم الشهابي الرئيس التنفيذي للمركز الإستراتيجي للتخطيط بخصوص الهدف من انعقاد الملتقى، حيث وضح فيها أنه «مع التطورات المتسارعة في العالم عموما وفي منطقتنا على وجه الخصوص، بات لزاما علينا أن ننتقل بخططنا من مرحلة الخطط الوطنية إلى مرحلة الخطط الإقليمية. وفي حديثنا عن الخطط فإننا نتحدث عن التخطيط الإستراتيجي في كافة القطاعات».

وأتفق أيضا مع توضيح د. الشهابي أن «عصرنا الحالي هو عصر التكتلات، سواء أكانت تكتلات سياسية أو إقتصادية أو عسكرية أو غيرها. فلم يعد بإمكان الدول - مهما كبرت إمكانياتها - أن تستمر في الإستقرار والنمو, إذا لم تكن مدعومة بمظلة إقليمية توفر لها السبل لذلك».

كمقدمة سريعة لتوضيح الإطار العالمي الذي أوصلنا الى الحاضر: نحن الآن في منطقة الخليج

والجزيرة لم نعد مجتمعا صحراويا منعزلا أو سكان سواحل فطرية حضاريا. ومثل كل مناطق العالم الأخرى لا نعيش في فراغ حضاري, و لا يمكن أن نفعل ذلك لأنه حكم بالتحجر,

وبالتالي الخروج عن سباق التنمية القائم على قدم وساق في العالم كله.

في العالم الكبير أدت المتغيرات السياسية إلى تراجع أنظمة الإقطاع واستغلال الفرد، وبعد حربين عالميتين تغيرت العلاقات البينية الى تراجع نظام الإستعمار الإقتصادي والهيمنة العسكرية الأوروبية على بقية العالم. تكونت دول جديدة مستقلة وظهرت أمريكا كقوة عظمى منفصلة عن أوروبا ومرتبطة بها اقتصاديا ومعرفيا؛ ثم تكون الإتحاد السوفياتي وتصاعدت الشيوعية مقابل الرأسمالية. وبدأت الحرب الباردة. واتضحت الحاجة إلى استمرار التحالفات حيث مقابل تحالف دول المحور, وبعده تكتل الإتحاد السوفياتي, تكوّن حلف الناتو ليحمي أوروبا الغربية عسكريا. وما زال يفعل ذلك حتى بعد زوال المحور وسقوط الإتحاد السوفياتي.

وخلال عقود ما بعد الحرب تنامت أهمية القوة الإقتصادية في كل أنحاء المعمورة, مدعومة بنمو التقنية والمكتشفات الجديدة التي غيرت العلاقات وسبل التواصل: نهضت اليابان من عزلتها بعد الهزيمة وظهرت كقوة إقتصادية صناعية منافسة لأوروبا وأمريكا, وتبعتها النمور الآسيوية, حيث نعايش الآن صعود الصين والهند القوتين القادمتين لاستعادة مجد قديم عرفتاه قبل أن يحولهما الاستعمار إلى التراخي والتبعية الحضارية.

أما المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج فقد خرجت من الإستعمار لتواجه عواصف البحث عن هويتها ومصالحها الخاصة.

ومثل غيرنا من التجمعات البشرية نعيش تداعيات تداخل الجغرافيا والتاريخ و الاقتصاد والسياسة. بالإضافة إلى ما تضيفه متغيرات القيم.

وسوف أتناول في حوارات لاحقة بعض التفاصيل و الأوضاع الخاصة بمنطقتنا ككل, التي تجعل من الإتحاد بين دول الخليج منطلقا وطريقا لتحقيق التكامل في مواجهة المتغيرات العالمية, والتحديات الإقليمية المشتركة.

مقالات أخرى للكاتب