تزايد وعي القطاع المصرفي الخليجي بدور العنصر النسائي بمجالس الإدارات

الجزيرة - الرياض:

مع سفر آلاف الشابات الخليجيات (مع محارمهن) للخارج كل عام للدراسة بجامعات أمريكية وأوروبية كبرى، فإنهن، بعد عودتهم لأرض الوطن، يكن أقل ميلاً من الأجيال السابقة لقبول العيش خارج قوة العمل.

وأقامت بعض البنوك مثل بنك دبي الإسلامي ومصرف الإمارات الإسلامي فروعًا للنساء فقط بهدف زيادة القدرة على المنافسة في أسواق خدمة الأفراد المصرفية المكتظة في البلاد وهو ما يتيح فرص عمل للنساء وتولي مناصب عليا.

وفي السعودية، أعلنت مؤسسة الأهلي المالية التابعة لأكبر بنك في السعودية عن تعيين سارة السحيمي رئيسًا تنفيذيًا لتصبح أول سيدة ترأس مصرفًا استثماريًا في المملكة. وكانت سارة السحيمي تشغل من قبل منصب رئيس إدارة المحافظ في جدوى للاستثمار بالسعودية.

وفي ديسمبر كانون الأول 2012 اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي قانونًا يلزم كل الإدارات الحكومية والشركات المتصلة بها بتمثيل نسائي في مجالس إدارتها وإن كان لم يحدد موعدًا مستهدفًا لذا يرى كثيرون أن الالتزام بالقانون سيكون تدريجيًا.

وربما كان القانون الإماراتي الذي يطالب بتمثيل نسائي في مجالس إدارات الشركات مجرد مؤشر على النوايا في الوقت الحالي لكنه يدل على تزايد وعي قطاع الأعمال الخليجي بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه العنصر النسائي في وقت تسعى فيه الشركات لتخطي حدودها المحلية.

هيمنة رجال

وأثارت أمينة الرستماني علامات الدهشة والتعجب على وجوه أصدقائها وأقاربها بالإمارات العربية المتحدة حين بدأت حياتها المهنية في دبي قبل 13 عامًا كمهندسة كهرباء لتصبح واحدة من قليلات في الشرق الأوسط اقتحمن هذا المجال.

ومنحها نجاحها في مجال يهيمن عليه الرجال ثقة مكنتها من اعتلاء سلم المهنة وتخطي مزيد من الحواجز.

هي الآن المديرة التنفيذية لقطاع الإعلام بمؤسسة تيكوم للاستثمار إحدى شركات مجموعة يمكلها حاكم دبي وتدير مجمعًا يضم تسع مناطق أعمال وتقف في طليعة مطامح اقتصادية تصبو إليها الإمارة في تكنولوجيا المعلومات والعلوم والتعليم.

حققت أمينة الرستماني ما لم يكن متصورًا قبل ربع قرن إذ بلغت أعلى مستوى بقطاع الأعمال في بلد خليجي عربي على نحو أبرز تحولاً في مناخ الأعمال أتاح للمرأة الانضمام تدريجيًا إلى مجالس الإدارات وتولي مناصب أخرى ذات سطوة اقتصادية في المنطقة.

قالت أمينة التي تحمل درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة جورج واشنطن «هناك دائمًا هذا التحدي في أن تكون أهلاً وأن تتميز لكن حالما تثبت كفاءتك ستحظى باحترام المجتمع

وتابعت كلامها قائلة: «للحكومات دور وللقطاع الخاص دور وللأسرة دور لكن الأمر كله يتوقف على ما يمكن للفرد أن يفعله.

وبالرغم من أن جلوس النساء على مقعد إدارة الشركات لا يزال نادرًا في الشرق الأوسط فإن تنامي الثروات وارتفاع مستويات تعليم النساء والجهود الحكومية للترويج للمساواة في فرص العمل ييسر على المرأة كسر «السقف الزجاجي» وتوليها مناصب تنفيذية عليا مستقبلاً.

شغلت المرأة 9.8 في المئة من مقاعد مجالس إدارات الشركات في العالم في عام 2011 وهي أحدث بيانات متوافرة لدى شركة جي.إم.آي ريتينجز للأبحاث ومقرها الولايات المتحدة. لكنها في مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول لا تشغل أكثر من 1.5 في المئة من هذه المقاعد وفقًا لبيانات معهد حوكمة ومقره دبي.

غير أن الفجوة تضيق. فنسبة 1.5 في المئة «كانت صفرًا تقريبًا قبل عشر سنوات» حسبما قال شايلش داش الرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال في دبي.

وعالم الأعمال بدولة الإمارات له في العادة طابع عالمي حسب المعايير الخليجية وذلك نظرًا لانفتاح دبي.

وأظهرت دراسة نشرتها شركة جرانت ثورنتون الاستشارية أن المرأة تتولى 14 في المئة من المناصب الإدارية العليا بالإمارات.

وأشارت الدراسة إلى أن النسبة أقل من المتوسط العالمي البالغ 24 في المئة لكنها أعلى من نسبة تسعة في المئة في اليابان وعشرة في المئة في هولندا و13 في المئة في سويسرا.

النمو الاقتصادي في الخليج أحد العوامل التي تدفع للتغيير.

قدرت الماسة كابيتال ثروات نساء الشرق الأوسط ككل بنحو 690 مليار دولار في عام 2012 بعد نموها بمعدل ثمانية في المئة في المتوسط سنويًا خلال الأعوام السابقة وهو معدل أسرع قليلاً من الزيادة في معدل ثراء الرجال.

وقال شايش داش الرئيس التنفيذي للماسة كابيتال «ثروة النساء هنا ربما تصل إلى 930 مليار دولار بحلول عام 2017م.

وأضاف لرويترز «بدأنا نرى المستثمرات يضطلعن بمسؤوليات أكبر ويشاركن أكثر في صنع القرار ويكتسبن معرفة أكبر، لكن فرص جلوس المرأة على المقاعد الإدارية العليا ما زالت ضعيفة. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن المرأة تمثل نصف القوة العاملة على مستوى العالم لكن النسبة تنخفض إلى نحو 2 0 في المئة في الشرق الأوسط.

غير أن السياسات الحكومية تشجع مزيدًا من النساء على العمل إذ إن دولاً مثل السعودية والإمارات استثمرت مليارات الدولارات في تحسين أنظمة تعليم المرأة.

ومن ناحية أخرى يدفع النمو الاقتصادي دول الخليج لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط وتطوير قطاعات الخدمات الواسعة مما يتيح مزيدًا من فرص العمل للنساء خارج القطاع النفطي الذي يهيمن عليه الرجال.

وأمام دول الخليج شوط طويل يجب أن تقطعه قبل أن تصل إلى حصص تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات في دول مثل النرويج رائدة هذا المجال التي تفرض الآن تمثيلاً نسائيًا بنسبة 40 في المئة على الأقل في مجالس الإدارة.

وترى أمينة الرستماني أن تغير الاتجاه كان ينبغي أن يبدأ منذ فترة. وقالت «المرأة تضيف اتساعًا وتوازنًا لجميع الشركات على كافة المستويات. «فهي تبرع تحت الضغط ويمكنها القيام بمهام متعددة. وأعتقد أن بإمكانها إذا نالت القدر الكافي من التعليم وأتيحت لها الفرصة المناسبة أن تضطلع بدور قيادي مؤثر وأن تكون نموذجًا يحتذى به».