جميع الأرقام والشواهد تؤكد أن المستقبل في السعودية للتقنية

طالعتنا صحيفة الجزيرة مؤخراً بخبر توقيع الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة جازان وشركة مايكروسوفت اتفاقية تعاون وشراكة تقدم بموجبها الشركة خبراتها وخدماتها لمنسوبي التعليم بمنطقة جازان ضمن مبادرة شركاء في التعليم العالمية التي ترعاها وتدعمها شركة مايكروسوفت، الاتفاقية التي سيستفيد منها منسوبو التعليم بالمنطقة من معلمين ومعلمات وطلاب وطالبات.

وستقدم الشركة بموجب هذه الاتفاقية العديد من الخدمات، حيث ستقوم بإعداد وتأهيل العديد من المعلمين والمعلمات ليصبحوا مدربين مؤهلين لتقديم دورات في طريقة استخدام التقنية في التعليم، وبدورهم سيقومون بتقديم بتدريب معلمي ومعلمات المنطقة، إضافة لما ستقدمه الشركة من دورات تدريبية في شتى المجالات المرتبطة بالتعليم.

ومن الملاحظ في الفترة الأخيرة سباقاً بين الجهات الحكومية والخاصة للاستفادة من خدمات شركات التقنية الكبرى حول العالم فيما يمكننا وصفه بعصر التقنية في المملكة، فالتقنية من ناحية وطنية تعتبر من العوامل الرئيسة لرقي الاقتصاد لجميع دول العالم، كما أن معدل الصرف يجب أن يكون موجهاً وقائماً من جهات ذات علاقة ويوجد تنسيق بينها وبين العوائد الاقتصادية، بالإضافة إلى الإستراتيجيات الاقتصادية والصناعية خصوصاً لأنها لها ارتباط مباشر بالتقنية.

ويشهد العالم في الوقت الراهن تطوراً تقنياً هائلاً فاق كل التوقعات، وأصبحت الحياة من حولنا تعج بمختلف مصادر ووسائط التقنية الحديثة والمتطورة، التي نستخدمها في معظم متطلبات حياتنا اليومية، بل أصبحت التقنية في المجالات التعليمية والصحية والثقافية والاجتماعية والترفيه والرياضة وغيرها كافة، وبات تطور وتقدم الشعوب يقاس بمدى تطورها التقني.

وتعد المملكة من أكبر دول منطقة الشرق الأوسط في مجال استخدام التقنية، وتحتل المرتبة الأولى عالمياً، من ناحية عدد مستخدمي الجوال، والأولى في امتلاك عدد الهواتف الذكية على مستوى دول المنطقة، وسجلت المملكة تزايداً كبيراً في عدد مستخدمي الإنترنت، الذين وصل عددهم إلى أكثر من 13 مليون مستخدم، فضلاً عن أنها الأولى في مجال حجم التجارة الإلكترونية على مستوى المنطقة بأكثر من 33 مليار دولار، وكذلك تقود المملكة العالم العربي في مجال الإنفاق على تقنية المعلومات بنحو 7 مليارات دولار.

أيضاً أكدت دراسة حديثة صادرة عن المركز العربي لدراسات تقنية المعلومات التابع لمركز دراسات الخليج أن المنطقة العربية أن السعودية من أكثر الدول العربية التي شهدت تطورات غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، وباتت تستحوذ على حوالي 40 % من مبيعات منتجات تقنية المعلومات في أسواق المنطقة، لكن الدراسة حذرت من أن الدول العربية تخصص قدراً ضئيلاً من ميزانياتها للإنفاق على البحث العلمي والتطور التقني وهذا لا يتناسب وأهمية هذا العامل في المرحلة الحالية، حيث لم تعد التقنية ونقلها قاصرة على استيراد معدات حديثة للإنتاج، موضحة أن الدول العربية تعتمد في تحقيق نموها الاقتصادي على زيادة حجم الاستثمارات دون الأخذ في الاعتبار أهمية العمل التقني الذي ما زال ضعيف الاستخدام، إذ لا يتجاوز حجم الإنفاق على البحث العلمي في الدول العربية 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي بينما يتجاوز 25% في الدول الصناعية.

فما نود التركيز عليه هنا ولفت الانتباه إليه أن المجمعات الصناعية سيصبح لها دور فاعل لتنمية الاقتصاد ودعم نقل التقنية لأنها كلها صناعات نوعية وتقنية وتجلب معها منتجات ذات قيمة مضافة عالية وإذا أردت النجاح فلابد أن يكون هناك تنسيق وتفاعل بينها، بالإضافة إلى توفر بيئة مناسبة لنظام الاقتصاد في حاضنات التقنية التي بدأت تظهر في جامعاتنا لأن البيئة المناسبة تعتبر حافزاً من محفزات الاقتصاد المعرفي والمجتمع المعرفي وهذه فيها وسائط مالية تحول الأفكار والابتكارات إلى منتجات عن طريق دعم الشركات الصغيرة والناشئة المبنية على الأفكار الجديدة والابتكارات والاختراعات وعلى مبادئ المجتمع التي تقدر الباحث والمخترع في الإطار الاجتماعي.

ومن المبادرات القيمة بهذا الخصوص مبادرة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في برنامجها «بادر» لحاضنات التقنية، الذي يهتم بدعم ورعاية الشباب السعودي في المجال التقني، ومساعدتهم في تطوير أفكارهم التقنية؛ حتى يتمكنوا من تحويلها إلى مشروعات تقنية ناجحة.

ولقد نجح برنامج «بادر» في فترة وجيزة من دعم ورعاية الكثير من المشروعات التقنية بالمملكة من خلال تطبيقه لتجربة «الاحتضان»، وهي تجربة عالمية متميزة، تقوم على دعم الأفكار والمشروعات التقنية في مراحلها الأولى، بتقديم خدمات الدعم الفني والاستشارات الإدارية والتجارية والمالية، وتطوير خطط الإنتاج والتسويق، إلى جانب توفير مقر دائم للمشروعات حتى تصبح ناجحة ومنتجة في السوق.

وإن لدي تفاؤلاً كبيراً بأن المستقبل للتقنية في العسودية، وخصوصاً بعد ورود الأنباء عن تفوق مبتعثينا في هذا المجال، فمؤخراً حقَّقت ستة اختراعات تقنية سعودية قدَّمها ثمانية متدربين سعوديين من منتسبي المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني؛ ميدالية ذهبية وأخرى فضية وأربع برونزيات، وذلك من بين 700 مخترع يمثلون 30 دولة، خلال فعاليات المعرض التجاري الدولي للأفكار والاختراعات والابتكارات «إينا» المقام بألمانيا في دورته 66 تحت إشراف محكِّمين عالميين. ما يعني أننا على أعتاب وثبة تقنية كبرى في بلادنا بجهود شبابنا المتفوقين، وبمساندة دولتنا التي لا تدخر وسعاً للعبور بهذه الجهود إلى آفاق المستقبل الرحبة.

ثامر عبدالله - عنيزة