27-11-2014

السعودية وعصابات البغدادي

قبض الأمن السعودي على خلية إرهابية مرتبطة عملياتياً وتنظيمياً وفكرياً بداعش، وهذا إنجاز هام يضاف إلى قائمة الإنجازات المشرفة لأجهزة الأمن السعودية، وهذه الخلية التي يمكننا تسميتها بخلية الفتنة الطائفية ارتكبت جريمة الدالوة الإرهابية التي استهدفت حسينية وقتلت وجرحت عدد من الأبرياء، أهمية الكشف عن هذه العملية الأمنية يكمن في كشف الغايات الإجرامية لتنظيم عصابة البغدادي،

التي لا تكتفي بالتهديد اللفظي كما في التسجيل الذي تحدث فيه الخليفة المزعوم قائد العصابة بتحريض صريح ضد السعودية، ويوضح أن لا مجال للشك في نوايا تنظيم خطير يمكننا اعتبار كل متعاطف معه مجرم إرهابي يدعو لإسقاط الدولة.

القبض على معتنقي الفكر المتطرف الداعشي أو القاعدي مهمة الأمن ورجاله الشجعان، ولكن القبض على الأفكار المتطرفة مهمة اجتماعية وثقافية ودينية بالاشتراك مع الأجهزة المعنية بالأمن الفكري في وزارة الداخلية، السؤال المهم ماذا أعددنا اجتماعياً لفكر متطرف ليس جديداً علينا، ولكننا تباطأنا في مواجهته، وهنا أقصد المواجهة الاجتماعية، وهذا يعكس الدور المتردد والمتثاقل لبعض الدعاة الذين يمثلون المؤسسة الدينية، وليس بالضرورة يكون السبب التعاطف، لأن منهم جهلة أو مفهومه للدعوة فيه لبس.

ليت بعض هؤلاء الدعاة يحتسبون في مواجهة داعش ومثيلاتها بذات الحماس الذي ينكرون فيه على امرأة لبست عباءة ملونة، أو بنفس الروح التي يهاجمون بها قضايا تافهة تجاوزها الزمن والتطور مثل رياضة البنات. نحن أمام مشكلة كبرى جعلت المجتمع يفكر بعقل محدود وأفق ضيق، وأصبحنا نمارس الإقصاء لتبقى سخافات الصحوة واهتماماتها التي لا تتعدى القشور.. لم يفهموا السلفية وهم يدعونها، ولم يعترفوا بالأولويات، ولم نراجع التراث أو نبني عليه، واعتمدنا على فهم ديني معين روج له دعاة مسيسون شيطنوا الحكومة وشوهوا المجتمع واقتاتوا على عواطف العوام.

وما زال النزيف مستمراً، والحل ليس فقط بمناصحة المذنب ولكن أيضاً في مناصحة من لم يذنب بعد.. أخرجوا الإرهابي الذي بداخل كل ضحايا الصحوة، وهذه ليست مهمة الحكومة، هذه مهمة الوعي، والوعي ليس قليل في مجتمع متحضر تمنعه الأغلال من الانطلاق في فضاء الأفكار الرحب والذي لا يمنعه دين الرحمة والتسامح.. دين القتل والتفجير والتكفير هو دين مسيس وليس دين الله ورسالة محمد، لذا لا تقبل بعقل غيرك عندما يتعلق الأمر بحياتك وآخرتك، وبوطنك وأمنك، قل الحقيقة التي تقتنع بها، ولا تحاول مجاراة تيار صوته مرتفع، يأخذنا بالصوت ويقتل سماحتنا ويدمر حاضرنا وينهي مستقبلنا.

الحرب على التطرف تبدأ من جديد، ولكن هذه المرة أكثر ضراوة بتصوري، لأننا نحارب أجندة سياسية لها أدواتها الإعلامية، وهناك من يدعمها، وربما أصبحت مكشوفة أكثر من كل الجولات السابقة التي انتصرنا بها، نحن نواجه اليوم استهدافاً مباشراً للمملكة، بإستراتيجية جديدة، وتتجدد الاستراتيجيات، طالما نحن في دولة اختارت السير في الطريق الصواب ملتزمة بالاعتدال، وتبقى كل الحروب علينا بأيدي أبنائنا للأسف المشحونين بالنقمة، والمتعرضين لإشعاع الأخوان وأدبياتهم ومنهجهم المنحرف، لذا وجبت المواجهة الاجتماعية، لنحمي أنفسنا من استهداف آخر لا سمح الله.

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب