تركيز الجهود على الوقاية من السكري أكثر نجاعة في حصاره

قرأت في صحيفة الجزيرة عن افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للغدد الصماء والسكري، الذي تنظمه الجمعية السعودية للغدد الصماء والاستقلاب. وأتابع كثيراً في صحيفتكم الغراء كثيراً من أخبار الفعاليات التي من شأنها حصار هذا المرض الذي أرهق المجتمع والدولة معاً. فكم نحن في حاجة إلى مثل هذا المؤتمر وإلى سائر الأنشطة المشابهة لأمراض الغدد الشائعة الانتشار، وفي مقدمتها داء السكري، داء العصر الذي يحتاج إلى تضافر الجهود من الجهات الحكومية والأهلية والخيرية؛ إذ تسجل السعودية زيادة سنوية في أعداد المصابين بمرض السكري بنحو 150 ألف حالة مرضية جديدة سنوياً، وبنسبة نمو قدرت بنحو 08% للفئة العمرية بين 20 و80 عاماً، حسب ما تم الكشف عنه خلال مؤتمر صحفي عقده نخبة من أطباء الغدد وأمراض السكري لمناقشة أحدث مستجدات علاج مرضى السكري في مدينة الرياض.

وكشفت الإحصائية أن المنطقة الشمالية هي أعلى المناطق إصابة بالسكري، فيما يتم بتر ستة آلاف قدم لمرضى مصابين بالسكري بشكل سنوي.

وتحتل المملكة المركز الأول على مستوى العالم في الإصابة بالسكري، وتأتي من ضمن الدول العشر الأولى في الإصابة بهذا الداء، وتجرى إحصائيات ودراسات استقصائية بشكل مستمر لمعدل انتشار المرض بين السكان في المملكة. وحسب آخر تقرير للاتحاد الفيدرالي للسكري حول نسبة انتشار المرض بالمملكة، بين أنها تصل إلى نسبة تتجاوز 23 % للفئة العمرية بين عشرين وتسع وسبعين سنة.

ولا توجد فوارق كبيرة في الإصابة بالسكري بين الجنسين؛ إذ إنها فوارق لا تكاد تذكر. كما أنه لا يوجد حتى الآن علاج شافٍ تماماً من هذا المرض، وإن كان هناك استثناء لمن أُصيب به بسبب البدانة؛ فيمكن أن يجري عملية لتخفيف الوزن؛ كي يعود جسمه لوزنه الطبيعي. هذا، وينبغي توضيح أن الأدوية الموجودة والمستخدمة هي للتحكم في ارتفاع معدل السكر في الدم، وللتخفيف من مضاعفات هذا المرض، كالإنسولين من إبر وأقلام، وكذلك جميع أنواع الحبوب الخاصة بخفض مستوى السكر في الدم، مع تطور كبير حاصل في طرق وآليات استخدام الإنسولين التي يُعدّ من أحدثها مضخات الإنسولين اللاصقة، وتستخدم بدون إبر، وقد صدرت الموافقة عليها مؤخراً من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ويتوقع وصولها للشرق الأوسط في القريب العاجل إن شاء الله.

وإن هناك الكثير من الدراسات والأبحاث على زراعة الخلايا الجذعية لعلاج مرض السكر، لكنها ما زالت في طور البحث. وكبسولات الإنسولين أيضاً ما زالت في المراحل الأخيرة للموافقة عليها من قِبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية. ومؤخراً صدرت الموافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والسعودية على الجهاز الذي يساعد مرضى السكري من النوعَين الأول والثاني على تخفيف معاناتهم بضرب إبر الإنسولين بدون أي ألم، فقط بوخزة واحدة كل ثلاثة أيام، عن طريق لاصقة. وهذا الجهاز يساعد مرضى السكري من النوعَين الأول والثاني على تخفيف معاناتهم من الوخز اليومي لإبر الإنسولين إلى وخزة صغيرة واحدة كل ثلاثة أيام، وهو ما يسمى (الايبورت)، الذي سيساعد في تخفيف المعاناة من الوخز اليومي بإبر الإنسولين التي يعاني منها الكثير من الأطفال والكبار.

وهناك لجنة وطنية لمكافحة السكري تحت مظلة وزارة الصحة، تضم أعضاء من مختلف قطاعات وزارة الصحة، وكذلك من وزارة التربية والتعليم، وقطاعات صحية أخرى. مهمة هذه اللجنة نشر الوعي الصحي بين الطلبة والمعلمين أيضاً؛ حتى يتفهموا وضع الطالب المصاب بهذا المرض، وكيفية التعامل معه.

ورغم الجهود المكثفة لمكافحة مرض السكري إلا أنها تفيد في معالجة آثاره ومضاعفاته أكثر من أي شيء آخر؛ ما يعني أن جهود الوقاية ستكون أكثر نفعاً لتفادي المزيد من حالات السكر المتزايدة باطراد في بلادنا.

د. عبدالله الشريف - الرياض