29-11-2014

الملك عبدالله .. ومبدأ التضامن العربي!

هو أحد صناع القرار البارزين على كافة الأصعدة - المحلية والإقليمية والدولية -، وهو الزعيم الوحيد الذي تبنى سياسة ثابتة؛ من أجل ترسيخ التضامن العربي، والتركيز على القضايا المهمة، ودعم المشروعات المشتركة، والبحث في طموحات الأمة، وهمومها، وما يخص مستقبلها؛ ولأنه الرقم الصعب في هذه المعادلة، فقد اشتهر -خادم الحرمين الشريفين- برجل المبادرات السياسية، والفكرية على مستوى العالم.

لا يختلف أحد على أهمية الدور السعودي الإستراتيجي، ليس على منطقة الشرق الأوسط -فحسب-، وإنما على دول العالم -كافة-؛ ولأننا في زمن يشهد فيه العالم العربي تحولات جذرية، وتحديات مصيرية، فقد برهن -الملك- عبدالله على مسؤولياته الكبيرة، والعمل على بلورة رؤى إستراتيجية واضحة الأهداف، والمعالم؛ للتأثير في مسار الأحداث، والعمل على حماية مصالح الأمتين -العربية والإسلامية -، والحفاظ على إرثها -الحضاري والإنساني-.

لا زلت أذكر الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية للتنمية الاقتصادية، والتي عقدت في الكويت في 19 يناير 2009 م، حين فاجأ -خادم الحرمين الشريفين- الزعماء، والإعلاميين، والمسئولين، والشعوب العربية، بتقديم مبادرة تقضي بتعزيز التضامن العربي، ونسيان الخلافات العربية، ثم دعا الزعماء العرب إلى تبنيها -فوراً-. -واليوم- يتجدد العزم على أهمية الدعوة التي وجهها -خادم الحرمين الشريفين- إلى القاهرة، ودعم اتفاق الرياض التكميلي مع قطر، ومناشدته لمصر شعبا، وقيادة؛ للسعي من أجل إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي؛ لتعكس هذه المبادرات حكمته، وعمق رؤيته لتطورات الأوضاع، والتوجه نحو رسم سياسة جديدة في المنطقة، تخرجهم من نفق الخلافات، والانقسامات، إلى بر تنسيق الجهود، والتلاحم الصادق في مواجهة التحديات، والتداعيات، -باعتبار- أن العصر الذي نعيشه، هو عصر التكتلات.

من جانب آخر، فإن العالم لا يحترم إلا الأقوياء، -وبالتالي- فإن المصالح المشتركة بين الدول العربية هي التي تجمعنا، وقوة عدونا تكمن في ضعف الدول العربية، وكلما انسحبت الدول العربية عن الساحة، والتأثير فيها، فإن الآخرين سيقومون بملء الفراغ وفق مصالحهم، وأجندتهم الخاصة. كما أن حسن النيات وحدها لا تكفي، فالحاجة ماسة، وملحة؛ لتحرك عربي فاعل من أجل رأب الصدع، وجمع الجهود، والظهور بمظهر الوحدة السياسية، وبلورة إرادة واعية بأهمية المرحلة المقبلة، فلا مكان للمزايدات السياسية، أو التنابز اللفظي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن سد كل مشروع يريد استثمار حالة الاحتقان، والفوضى السياسية، والأمنية بات مطلبا مهما.

كتبت مرة، أن السعودية ستبقى بيت العرب، والمسلمين، الذي يتسع لجميع الفرقاء، ويطيب الجراحات. كما أن ثقلها الديني، والسياسي، يفرض عليها أن تساعد، وتساهم، وتتوسط في بلورة الحلول؛ لرأب الصدع، وتجميع الجهود؛ للظهور بمظهر الوحدة السياسية، وخلق إرادة واعية بأهمية المرحلة المقبلة، فلا مكان للمزيدات السياسية، أو التنابز اللفظي بما لا يليق. -ولذا- فإن المحافظة على نسيج المجتمعات العربية من أخطار الخلافات السياسية، والمذهبية -مطلب مهم-، -خصوصا- إذا ما توفرت الأجواء الملائمة للعمل المشترك، والمدعوم بالنوايا الحسنة، والإرادة السياسية اللائقة بالأحداث، وهذا ما تفرضه أدبيات السياسة.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب