29-11-2014

صفقة واشنطن وطهران لم تكتمل طبختها

بعد التمديد لـ(الحوار النووي) بين ايران والدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا إلى سبعة أشهر أخرى، بدأت الدوائر السياسية تقيّم ما تم انجازه والبحث عن الخاسر والمنتصر من هذه المفاوضات الماراثونية.

في البدء يعرف المتابعون والمحللون السياسيون حاجة كل من أوباما وروحاني بالتحديد إلى مكسب سياسي يخفف ضغوط (الاصوليين) عليها ويدخل تحت هذا التصنيف الجمهوريون الذين سيطروا على الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، هم أصوليون في التصنيف الأمريكي، وأصوليو ايران معروفون، ويأتي في مقدمتهم الحرس الثوري وجنرالاته المتنفذون والذين يمسكون بمفاتيح الاقتصاد، وطبعاً بالقوة العسكرية والأمنية داخلياً وخارجياً، ولهذا كان ملفتاً حرص واشنطن وطهران على تحقيق ما يمكن تسويقه على أنه انتصار سياسي يدعم الادارة الأمريكية وحكومة روحاني اتجاه هؤلاء الأصوليين، إلا أنهما ورغم ما حفلت به جلسات المفاوضات من لقاءات إلا أنه أفضل ما تحقق هو تمديد المفاوضات، وهو ما يتوافق مع نهج الايرانيين وسياستهم بكسب الوقت، واعطاء مهلة سبعة أشهر ورفع بعض العقوبات عن ايران، إلا أن هذا ليس كل ما تحقق لايران، روحاني وأمريكا أوباما أصبحا لا يخشيان من اللقاءات المعلنة وحتى التنسيق متخذين من قناة محاربة الارهاب وسيلة ومبررا للقاءات، ويرى المراقبون أن اللقاءات التي تمت بين وزيري خارجية البلدين والتي تكثفت سواء في العاصمة العمانية مسقط أو في فيينا لم تقتصر على بحث الملف النووي، بل شملت بحث مستقبل النظام الايراني والدور الاقليمي لهذا النظام ومخططاته في توسيع نفوذه بالدول المجاورة وبالذات في الدول العربية، وقد رصد المحللون السياسيون مضامين التصريحات الأمريكية والايرانية، فالرئيس الايراني أكد بأن المفاوضات الأمريكية الايرانية ضيقت الفجوات وقربت المواقف، ويرى العديد من هؤلاء المحللين بأن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما أظهرت قدراً كبيراً من التراخي في الملفات الاقليمية والتي أتاحت للنظام الايراني توظيفها في المفاوضات، وقد فهم الايرانيون بأن أمريكا أوباما لديها استعداد بيع العرب والأتراك معاً مقابل الحصول على موافقة نظام ملالي ايران على حصر التقدم الايراني النووي في مستوياته الحالية مقابل غض النظر عن (التغول) والتمدد الايراني في المنطقة العربية والموافقة على تجميد الصراع في سوريا ولبنان واليمن وعدم المس فيما حققوه في العراق مع اطلاق يد ايران عبر فيلق القدس والمليشيات الطائفية للتصرف في الاقليم خاصة في العراق واليمن وقد يطول ذلك البحرين، والسماح لهم بالحفاظ على نظام بشار الأسد رغم الغضب التركي.

الصفقة الأمريكية الايرانية لم تكتمل طبختها في مسقط وفيينا، إذ يرى العديد من المختصين بأنه لو حصل توافق أمريكي ايراني متبادل لحصل تنازل ايراني في فيينا، فالإدارة الأمريكية لم تكن على استعداد للتسليم بكل ما تريد ايران من اطلاق يدها في الدول العربية واعادتها كشرطي للخليج ومد النفوذ الايراني لسواحل البحر الأبيض المتوسط بضم سوريا ولبنان، فأمريكا أوباما قلقة من التسليم بكل ما يطلبه ملالي ايران من غضب حلفائها العرب والأتراك ولذلك فقد حاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وضع وزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل في أجواء مباحثاته مع الايرانيين سواء في مسقط وفيينا ولذلك فقد كان سمو الأمير سعود الفيصل شبه مشارك في مفاوضات فيينا حيث عقد اجتماعين مع كيري احدهما في فيينا نفسها، كما أن الإدارة الأمريكية بعثت جون ايدن إلى تركيا ورغم أن ايدن فشل في اقناع الاتراك وعدم الافصاح عما شرحه كيري للأمير سعود الفيصل، إلا أن قنوات الاتصال بين الأمريكيين والايرانيين ستتواصل لاكمال (طبخ) الرئيس أوباما أو نظيره الايراني روحاني.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب