Saturday 29/11/2014 Issue 15402 السبت 07 صفر 1436 العدد
29-11-2014

عودة إلى الاتحاد 1-2

كان حلماً جميلاً أن تلتئم دول الخليج العربية مبكراً في مجلس للتعاون، في قرار تاريخي وإجراء لا يقدم عليه إلا من كانوا أهلاً لتحمل مثل هذه المسؤولية في التعاون والتنسيق المشترك كقادة هذه الدول، ما أعطى لدول المجلس قوة إضافية، ما كانت لتكون لها بهذا المستوى لو لم يتم الاتفاق على إنشاء المجلس.

***

كانت التحديات حين تم إنشاء المجلس غيرها اليوم، من حيث نوعيتها وخطورتها وضرورة التصدي لها، وكان الهم الخليجي آنذاك لا يأخذ بالحسبان البعد الذي هو عليه اليوم، ولكن القادة استشعروا مبكراً أهمية العمل الاستبقاقي تحسباً للظروف والمستجدات والعواصف، وكأنهم كانوا آنذاك يقرؤون مستقبل ما كانوا يتوجسون منه.

***

قد لا تكون إنجازات المجلس بمستوى طموحات القادة، ولا بحجم تطلعات الشعوب، لكن ما أنجز وما تحقق لا يمكن الاستهانة به أو إغفاله أو التقليل من أهميته، فقد أظهرت بعض القرارات والتوافقات وجود قاعدة للتنسيق ما كانت لتتم بدون قيام المجلس، إذ إن المجلس وفر مناخاً وبيئة وأجواء مكنت دول الخليج من تمرير الكثير من القرارات التي كان سيتعذر تمريرها لولا قيام هذا المجلس.

***

صحيح أن هناك تبايناً في وجهات النظر اصطدمت معها بعض التوجهات التي كانت ستقود المجلس إلى إقرار الكثير من الاتفاقيات والقوانين المشتركة، وتوفير الأرضية المناسبة للتنسيق جماعياً حول مجمل مسارات التعاون بين الدول الأعضاء في المجلس وليس بعضها، لكن ذلك لم يحل دون التوافق ومن ثم الاتفاق على عدد من مجالات التعاون التي تصنف في مصلحة جميع دول وشعوب المجلس.

***

لكن نجاح المجلس، حتى وإن رأى فيه البعض نجاحاً محدوداً نسبة لتطلعات قادة دول المجلس وتمنيات شعوبها، إلا أن تأسيس المجلس بوصفه حلماً جميلاً، وما حققه من إنجازات، أو ما واجهه من عقبات، ينبغي أن تتبعه خطوات أخرى شجاعة ومؤثرة وجادة، وأن تؤسس هذه الخطوات اعتماداً على البناء والرؤية التي قام عليها مجلس التعاون، بحيث تكون امتداداً للفكرة الرائدة بإنشاء هذا المجلس.

***

ولعل ما طرحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وهو من هو في الحكمة وبعد النظر - من أنه آن الأوان للانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في خطابه الافتتاحي للدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى الذي عقد بالرياض بتاريخ 11 ديسمبر 2011م - قد أعاد الأمل لشعوب دول المجلس، بأننا أمام مستقبل باه ومخضر في كل شؤون دولنا، وبما يسمح بإضافة القوة المطلوبة وبمستوياتها العالية أمام التحديات والمستجدات الخطيرة التي تواجهها دول المنطقة.

***

وإذا كان النظام الأساسي للمجلس، وتحديداً في مادته الرابعة، قد أكد بوضوح على أهمية تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، فقد آن الأوان للإعلان عن التوافق حول مبادرة الملك عبدالله، والتأكيد على أنها قد وصلت إلى مرحلة التنفيذ السريع، خاصة وأنه قد مضى ما يكفي من الوقت لدراسة المقترحات من كل جوانبها، التي يفترض بأن الهيئة المختصة التي اعتمدها القادة قد تقدمت بتقريرها للمجلس الوزاري، ومن ثم إلى القادة بصورته النهائية؛ ليتم التوافق عليه.

***

إن هواجس شعوب دول الخليج تتمثل في الخوف من تداعيات هذا الإرهاب المنظم الذي يطوق دول مجلس التعاون، وتداخله مع قوى أجنبية تملك القدرة والتأثير على استقرار دولنا، وهي الدول التي تتحرك بشكل مكشوف وضاغط في دعم الحركات الإرهابية ضمن أطماعها في خلق أجواء تجعل من دولنا بيئة صالحة لخلق بؤر تتكاثر وتتوالد فيها العناصر الإرهابية المغرر بها، والانتقال من التعاون إلى الاتحاد سوف يحول بكل تأكيد دون تنفيذ أعمالها وتنظيماتها الإرهابية.

وغدًا نستكمل.

مقالات أخرى للكاتب