30-11-2014

مدينة الملك فهد الطبية: قصتي مع البدايات 2-2

كتبت في المقال السابق عن ارتباطي بمدينة الملك فهد الطبية، وأعتذر، ربما أسهبت في قصتي الشخصية التي قد لا تعني الآخرين، بقدر ما يعنيهم ذكر بعض ملامح تأسيس ونجاح المدينة! وليس هناك بد من الاعتراف؛ أنا في حيرة من أين أبدأ وما هي التفاصيل التي تستحق أن أوردها، لذلك سنكتفي ببعض الخطوط العريضة.

مدينة الملك فهد الطبية وفقت في بدايتها بوجود مجلس إدارة متميز متناغم مع إدارتها التنفيذية بشكل كبير؛ تلك أولى خطوات النجاح. المجلس رأسه سعادة وكيل وزارة الصحة - آنذاك - الدكتور منصور الحواسي وضم نخبة من مسؤولي الوزارة والمدينة الطبية، بالإضافة إلى أمين عام هيئة التخصصات الصحية. من واقع مشاركتي بالمجلس كعضو مقرر للمجلس؛ كان من أمتع المجالس واللجان التي عملت بها، ولم أجد قائد يجيد فن إدارة الاجتماعات كما كان يفعل الدكتور الحواسي في ذلك المجلس.

كانت البداية مع بناء الأنظمة الإدارية الأساسية، وقد تم الاستعانة بفريق محترف ومستقل بقيادة الدكتور أحمد العامري - أستاذ الإدارة بجامعة الملك سعود - وأساتذة من جامعة الملك سعود ومعهد الإدارة ومن داخل مدينة الفهد الطبية وغيرهم. كنا في مجلس الإدارة نناقش تلك الأنظمة فقرة فقرة، مما جعل المجلس ينعقد بشكل أسبوعي لفترة ثلاث ساعات تقريباً لإنجاز المهمة.

أدركت الإدارة بأن إحدى مشاكل الإدارة لدينا تكمن في ضعف التواصل بين مختلف المستويات الإدارية، لذلك كان الحرص على تقليص الطبقات الإدارية وتضخم الإدارات التنفيذية العليا من جانب، وعلى تأسيس مجالس وسطية تسهم في تفعيل التواصل من جانب آخر، حيث أسس مجلس تنفيذي أعلى ومجالس تنفيذية؛ طبي، ومالي وإداري، وتشغيلي. إدارة التخطيط كانت معنية بتنسيق أعمال مجلس الإدارة والمجالس التنفيذية المختلفة. ثلاث أو أربع إدارات تنفيذية فقط ومثلها مجالس تنفيذية عليا ومتوسطة تسهم في حفاظ المدينة على رشاقتها الإدارية والتنفيذية، مقارنة بمؤسسات مماثلة. لم أعد متابعاً للعمل الإداري بالمدينة، وأتمنى أن تكون لا زالت محتفظة بنفس الرشاقة والكفاءة.

كانت رؤية المدير العام تتلخص في كون البحث عن القيادات التي ستتولى تشغيل المستشفيات والإدارات المختلفة يشكل العنصر الأهم في مرحلة التأسيس، ولأجل ذلك منحت الفرصة لقيادات وطنية شابة ومتوثبة لحمل المهمة الوطنية بكل تفانٍ. خلال سنوات قليلة أصبحت المدينة الطبية ولادة للكفاءات القيادية الشابة التي أصبحت تتنافس على استقطابها المؤسسات الصحية الأخرى الخاصة والحكومية، بما فيها تلك الكبرى التي كانت تحارب المدينة وتخشى توثبها.

في ظل توفر المباني والدعم المالي كان هناك حاجة ماسة إلى العنصر البشري المميز ولم يكن متوفراً بسهولة، لولا دعم قطاعات أخرى تستحق الشكر على مساندتها ودعمها للمدينة الطبية بالكفاءات المتفرغة وغير المتفرغة. بعد وزارة الصحة بصفتها صاحبة المشروع، أشيد تحديداً بمستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث كان داعماً مميزاً للمدينة بدءاً من مديرها العام حتى موظف البريد. كما أشيد بدعم الجامعات ومستشفى قوى الأمن وغيرهم.

أخيراً يجب عدم نسيان دعم القيادة الحكيمة، حيث جاء قرار تشغيل المدينة بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين - ولي العهد آنذاك - حين كانت أولى المهام التي وجه معالي وزير الصحة الأسبق بتنفيذها. كما لا ينسى ما قام به الدكتور حمد المانع باعتبار تشغيل المدينة الطبية الجديدة أحد أوليات عمله بوزارة الصحة ودعمها بكل ما تحتاجه حتى استطاعت الوقوف على رجليها شامخة كما تتمنى القيادة الحكيمة ويتمناه معالي الوزير.

هذا المقال جاء ضمن مناسبة احتفاء مدينة الفهد الطبية بمرور عشر سنوات على تأسيسها. لي ذكريات وبصمات بالمدينة كنت أود الحديث عنها بشكل أكثر تفصيلاً ، لكن أعتذر، طبيعة المقال الصحفي لا تسمح بأكثر من ذلك. تهنئة لمنسوبي مدينة الفهد الطبية ومحبيها وإلى مزيد من التقدم...

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب