إبراهيم عبدالله العمار
أنت في نقاش حاد مع شخصٍ ما، قرب نهاية النقاش لا تعرف ما استقر الأمر عليه. تسأل هذا الشخص: إذاً؟ هل اتفقنا؟.. ينظر لك ويقول: «هيِّن، يصير خير!»..
ما رأيك؟.. هل ستبتهج؟.. إنها كلمات طيبة. «هين» أي المسألة سهلة، و»يصير خير» رائعة، فمن لا يريد الخير؟
لكن تلك الكلمات ليست على ظاهرها! استخدامها في مجتمعنا أعطاها معنىً سلبياً، ومن يسمع تلك الكلمات بعد المناقشة فسيتوجس ويعرف أن معناها الفعلي «يصير شر»!.
أحياناً يصعب دَرءُ هذا، فإذا اصطلح الناس على معنىً معين لكلمة فإنها ستأخذ هذا المعنى ويصعب تغيير هذا، ومن ذلك أن تقصد الكلمة عكس معناها اللغوي (مثل «يصير خير»)، أو أن تعني شيئاً غير مفهوم أو ضعيف الأساس مثل «حَلى هي؟» التي تقال استنكاراً إذا أفرط شخص في شيء ما، ولا أظن الكثير يعرفون أصلها ولا سبب وضعها.
لكن المشكلة في رأيي هي أن تأخذ الكلمات الطيبة معنىً سيئاً، فكلمة «خير» لا يجب أن تعني «شر» أبداً. استخدام «خير» كتهديد أو إنذار يشوّه معناها الطيب المُريح للنفس. أمثلة أخرى لكلمات طيبة اتّخذت معنى سلبياً أو مختلفاً:
- تنويه: في اللغة فإن التنويه هو الإشادة والتعظيم، فيقال «نوّهتُ بمحمد» أي أثنيتُ عليه علناً وأشدتُ بعمله وإنجازاته. هذا هو التنويه، لا الاستخدام الخاطئ اليوم الذي يعاملها مثل «تنبيه»، والتي تحذّر من خطر ما.
- «زين» و «طيب» واللتان أخذتا نفس منحى «يصير خير» وصارتا تُستخدمان في التوعّد. شخص يغضب من آخر فيقول: «هكذا؟ طيب، زين!» ولا يُفهم منها إلا التهديد.
- عوافي الله. هل تعرف ما عوافي الله؟ إذا سمعتَ كلمة «عوافي الله» ستتفاءل، هذا شئ جميل! وهل هناك أحسن من العافية؟.. بل تزداد حُسناً في الأذن إذا قُرِنَ بها لفظ الجلالة، وكأن العافية الإلهية قريبة. لكن إذا لم تمر عليك هذه الكلمة فاسأل أباك أو عمك أو جدك وربما يقلق إذا سمعها! ذلك أن الكلمة تعني شيئاً مخيفاً، وكان الناس يخوّفون بها الأطفال في السابق، فيقول: «لا تخرج في الليل وإلا أتاك عوافي الله»، فيخاف الطفل ويتصور وحشاً مريعاً يجول خلال السكك يبتغي الأطفال الأشقياء ليلتهمهم.
هذه نماذج وهناك غيرها. لا بأس من تلطيف كلمات سلبية مثل «موت»، كمن يقول «أموت فيك» بمعنى «أحبك جداً»، لكن تحويل الكلمات الطيبة إلى مخيفة هو ما يجدر البعد عنه.