فهد بن جليد
بين القبول والرفض، أدخل مجموعة من الشبان ابتكاراتهم وتعديلاتهم على بعض الأكلات السعودية الشعبية، وتفننوا في نزع هويتها الأصلية، وإخراجها بطريقة (مودرن وحديثة)، حتى طال الانقسام الغذائي بين الأجيال في مجتمعنا خصوصية (المفطح)؟ الذي يُنظر إليه كرمز للكرم والجود في التقاليد السعودية، ليصبح لدينا (مفطح تقليدي) لكبار السن، و(مفطح عصري) للشباب؟!
دخول التجارب الشبابية في المطبخ مع عودة بعض المُبتعثين، وتلاشي ثقافة العيب، أنتجت لنا نوعاً جديداً من (المفاطيح) تختلف عن تلك التي نتحولق حولها على الصحون بطريقة تراجيدية مع إشارة الانطلاق الترحيبية التي يطلقها (المعزب)، والتي تشبه صافرة الحكم عندما يقول (سمّوا حيّاكم الله)، لتخرج علينا صور جديدة وعصرية (لمفاطيح) تم إعدادها بخليط من النكهات العالمية والغربية، بعد حشوها (بالمسقعة المصرية)، ودهنها (بالصوص الإيطالي)!
الانقسام بين الأجيال بدأ واضحاً مع دخول وجبات الشباب (الفاست فود) من الهامبورجر, ومروراً بالبيتزا، ووصولاً للأكلات الصينية واليابانية والهندية.. إلخ، ولكن التعديلات الجديدة على (الأكلات الشعبية) تواجه رفضاً من التقليديين في المجتمع، والذين يُعدون أي تجديد أو تغيير؟ هو اعتداء على الهوية؟ يفقد الأكل قيمته ومكانته في المجتمع، ولا يمكن المُغامرة أو القبول بهذا النوع من التجارب؟!
يعجبني التفكير (خارج الصندوق) الذي أبداه المطوّرون تجاه بعض المسلَّمات المُجتمعية للبحث عن النجاح، مهما واجهوا من رفض ومُقاومة لأفكارهم، وهذه المعركة تذكِّرني (بمعركة سابقة) قادها شبان سعوديون وشركات تسويقية لإدخال بعض التعديلات والتصاميم على (الثوب السعودي)، قابلها المجتمع بالسخط والرفض آنذاك، وهي مُمتدة منذ إدخال (القلاب) على حلق الثوب، والكبك على الكم، وحتى ابتكار (السحاب) والتطريز الجديد، ولكن الواقع أظهر لنا رضوخ بعض (كبار السن) لخط الموضة، وارتدائهم مثل هذه الثياب التي كانوا ينتقدونها سابقاً..؟!
فهل يملك الشباب الحق في تغيير ثقافة وتقاليد مجتمعهم؟ أو إعادة تشكيلها على الأقل؟ وهل يستطيعون ذلك بالفعل؟!
يبدو أن الأيام حُبلى بالمزيد؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.