عمر إبراهيم الرشيد
هناك علم نشأ منذ قرون عدة، هو (جرافولوجي)، ويُعنى بتحليل الشخصية من خلال خط اليد والتوقيع. وسبب تأخُّر انتشار هذا العلم عربيًّا ربما يرجع إلى انشغال المجتمعات العربية بمكافحة الأمية في المقام الأول إثر تأخُّرها علميًّا بعدما رزحت تحت الوصاية العثمانية قرونًا عدة. ويقول الخبراء في هذا المجال إن الخط إذا صغر دلَّ على ذكاء وثقة في النفس، أما الخط الكبير فيدل على حب الظهور ولفت الانتباه والأنانية، بينما الخط المتوسط دليل الشخصية المتزنة. ميل الخط إلى الأسفل دليل إحباط ومشاعر سلبية، أما ميل السطر إلى الأعلى فدليل طموح، حسب خبراء الخط.
هذا عدا تحليل التوقيع، الذي يدل كذلك على شخصية صاحبه، فبين تشابك خطوط التوقيع أو بساطتها، وبين إرفاقها بنقط أو خطوط صغيرة، وغيرها من الرسوم، وبين من يفضل كتابة الاسم الأصلي كما هو مختصرًا كتوقيع يدل على وضوح الشخصية وصدقها، يجد الخبراء في هذا المجال والاختصاصيون النفسانيون في الخط اليدوي والتوقيع مجالاً رحبًا لمحاولة قراءة الشخصية وتصنيفها.
ويمكن الرجوع إلى برامج ووسائط عديدة في هذا المجال للاستزادة.
هذه مقدمة أحببتُ أن أشرككم فيها للفائدة قبل أن أشير إلى مبادرة وزارة الثقافة بجعل عام 2020 عامًا للخط العربي. وهو ما يثلج الصدر حقيقة ونحن نشهد عقوقًا للعربية والخط العربي من كثير من أبنائها. هذه الالتفاتة -برأيي- من أجلّ ما يمكن لوزارة الثقافة تقديمه للمجتمع والوطن، بل للعرب وغير العرب، عندما تقيم المعارض والورش، وتدعم وتشجع نشر اللوحات الفنية بالخط العربي في الميادين والشوارع الرئيسية.. فقد أفسدت لوحات الإعلانات التجارية أذواق الشباب الصحية والنفسية؛ وأتى الوقت لإعادتهم إلى جَمال لغتهم وحروفها بمبادرة الوزارة الجميلة.
يقول عبدالله بن عباس -رضي الله عنه-: «الخط الجميل يزيد الحق وضوحًا». أما شاعر الألمانية وكاتبها الأول غوته فيقول عن الخط العربي: «ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية. وإنه تناسق غريب في جسد واحد». وهناك عبارة جميلة قالها العالم الروماني عن الخط اليدوي: «الخط هندسة روحية بآلة جسمانية». فلا تهجروا القلم، وأعيدوه إلى جيوبكم، واكتبوا، وانثروا شيئًا من خواطركم على الورق ولو قليلاً مما تكتبون في هواتفكم! إلى اللقاء.