واس - الرياض:
شهدت الرياض خلال القرنين الماضيين توافد عدد من الرحالة الذين وثقوا الكثير من المعلومات المستمدة من المشاهدات اليومية فكانت على فترات من التاريخ محط رحال المستكشفين والمبعوثين والدبلوماسيين الذين زاروا الجزيرة العربية رغبة في التعرف على جوانبها الجغرافية والاجتماعية والسياسية، إذ نتج عن هذه الزيارات ظهور العديد من المؤلفات التي وصفت جزءاً كبيراً من طبيعة الحياة في الرياض.
ومن أبرز المشاهدات التي تناولت معالم الرياض خلال القرن الثالث عشر ميلادي زيارة الرحالة البريطاني وليم جيفورد بالجريف 1279هـ - 1862م، حيث وصف الرياض بأنها ذات بساتين غناء ونخيل كثيفة وقال: « انبسط أمامنا وادٍ فسيح وقبل هذا الوادي مباشرة تحت المنحدر المليء بالحصى الذي وقفنا فوق قمته لاحت لنا العاصمة طويلة ومرتفعة تتوجها أبراج عالية، وأسوار دفاعية قوية، ومساحات من السقوف والشرفات.. يطل عليها جميعها قصر فيصل الملكي الكبير «يقصد الإمام فيصل»، وهو عبارة عن مبنى مهيب، وبجانبه يرتفع قصر نادر أقل اتساعاً بناه وسكنه ابنه عبدالله «يقصد الإمام عبدالله بن فيصل»، إلى أن قال (وعلى مسافة ثلاثة أميال من السهول المحيطة لاح لنا بحر من النخيل التي ترتفع وسط حدائق خضراء حسنة الري، فيما بلغت مسامعنا أصوات السواقي الشجية، ومن الجهة المقابلة إلى الجنوب انفتح الوادي على سهول اليمامة الواسعة الخصبة وتخللها البساتين والقرى الكثيفة).
كما ذكر الرحالة الدانماركي باركلي رونكيير الذي زار الرياض عام 1330هـ / 1912م بقوله :» في 8 ربيع الآخر 1330هـ سرنا عبر وادي حنيفة الذي امتلأ مجراه بالأشجار والشجيرات الصغيرة التي يبلغ ارتفاع بعضها خمسة أمتار.. امتد أمامنا في الوادي جدار أخضر داكن من بساتين النخيل، وعلى هذه الخلفية المنمقة الخضراء من الواحة تظهر الأسوار والأبراج عندما تسطع عليها أشعة شمس الظهيرة الشديدة الضياء».
أما الرحالة البريطاني هاري سانت جون فيلبي (عبدالله فيلبي) فقد وصف الرياض وصفا دقيقاً في مذكراته ومقالاته من خلال زياراته العديدة التي زار فيها الرياض بدءاً من عام 1336هـ حيث قال: «إنه لا يوجد مبنى في جميع أنحاء مملكة ابن سعود أعظم فخامة في تخطيطه ولا أجمل في هيئته بعمارة شبه الجزيرة العربية الحديثة من القصر الملكي بالرياض».
فيما وصف الصحفي المصري محمد شفيق أفندي مصطفى في كتابه (في قلب نجد والحجاز) الذي جمعه من مقالات كتبها إبان زيارته للجزيرة العربية عام 1346 هـ الموافق 1927م، الرياض بقوله: «تعد الرياض أكبر مدن نجد وأعظمها شأناً بوصفها عاصمة الديار النجدية، وهي ذات مبانٍ متعددة، بينها عدة عمارات كبيرة، ويحيط بالمدينة سور فخم له أبواب كثيرة على مثال أبواب المدن الشرقية في سالف الزمان، وهي تقفل عند اللزوم، وتحيط بالعاصمة المزارع وأشجار النخيل».
وشبه الرحالة البريطاني غيرالد ديغوري في مذكرات نشرها عقب رحلته الثانية التي قام بها للرياض عام 1354هـ الموافق 1935م بقوله: «إن المناظر الطبيعية في وسط شبه الجزيرة العربية فريدة، حيث يشق وادي حنيفة، المليء ببساتين النخيل بصورة ملتوية جبل طويق ماراً بمدينة الرياض عند سورها الجنوبي ويقود مجرى وادي البطحاء إلى بوابة الرياض الشرقية، ويأتي من سلسلة التلال والمرتفعات الواقعة في الجهة الشمالية للرياض، وتحيط بها.. أما جبل العرمة وجبل طويق فهما يحيطان بالرياض من الشرق والغرب، فالتلال المتتابعة والأودية الخضراء الغامقة المرسومة بدقة متناهية، وومضات النور فيما بينها، وكذلك الظلال الزرقاء التي يخلفها نور الشمس عند مغيبها تجعل المنظر يبدو وكأنه خلفية لصورة إيطالية قديمة مبهجة للمسافر».
وأسهب الرحالة آر إس هنسي خلال زيارته للمملكة في عام 1366هـ - 1946م، في وصف بهاء الرياض: «لقد كانت الرياض ذات مظهر بهي، فهي مدينة مسورة تشبه مدن العصور الوسطى، محاطة بخضرة زاهية، المدينة (الرياض) تبعث في المشاهد إحساساً بالسعادة بهذا المشهد العتيق الذي ظل باقياً على مدى الدهور».
وأثارت الرياض إعجاب الكاتب وعضو اتحاد الكتاب في مصر محمد كامل حتة أبان زيارته لها في عام 1375هـ الموافق 1956م، حيث قال «إن الرياض عاصمة عجيبة في تكوينها ومعالمها، فإنك لتجد فيها كثيراً من المفارقات التي تصور مدى ما نالها وينالها من تطور سريع.. ما زال لسرعته يجمع بين الماضي والحاضر في إطار واحد.. تجد فيها صورة الرياض القديمة.. المعالم الحديثة التي تسابق الزمن في ميادين النهضة والعمران، والتي تمت في سنوات قلائل هي الصورة الحديثة للرياض عاصمة المملكة العربية السعودية».