د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تساءلنا كثيراً هل تطرقنا فيما نؤطره حول النطاقات التعليمية عن حماية المدارس وتحويلها إلى فضاءات مكانية آمنة منفصلة ومختلفة عن بيوت الطلاب لكونها أداة للدمج الثقافي والاجتماعي والحضاري؛ فتقدير قيمة المدارس يعني أكثر بكثير من مجرد الاعتراف بأنها أمر لا غنى عنه لضمان الحق في التعليم والتعلم؟! حيث توجد كثيرٌ من المعطيات المُشاهدة والملحّة لذلك التساؤل! بمعنى أن الأدوات الحالية ومنهجية التشغيل المدرسي لا يمكن الاتكاء عليها لإحداث النهوض والتغيير المراد لقيادة الاقتصاد والتنمية الوطنية والمجتمعية! ولذلك فإن التأكيد على الدور المهم الذي تأخذه المدارس في هيكلة حياتنا الاجتماعية أمر حتمي ملزم ففي المدارس تُعزّز الرؤى التعليمية التحولية الإنسانية الشاملة والمستدامة وفي المدارس يستزرع نظام تعليمي متعدد موثوق وذو رؤية مستقبلية تؤدي إلى إعادة ابتكار التعليم وإرساء أسسه المستقبلية وحتماً سيكون لها واقع ووقع على عمليات التعليم والتعلم والسياسات الرسمية المعتمدة، فهناك صناعة المعرفة وهي مستهدف رئيس، ومن خلال جملة ما اطلعنا عليه من رزم التطوير الحالية فما تزال تتجه إلى تصحيح حياة المدارس، فمن مفاتيح التطبيق الصحيح التركيز على القيادات التنفيذية وتحدي قناعاتهم الثابتة حول جملة من القضايا العالقة منذ الأزل، فلقد كانت طاولات التعليم ملأى بأضابير مشاكل النقل المدرسي والمباني المستأجرة والصيانة وطباعة المقررات، وضبط الانضباط في مسيرة المدارس الأهلية؟! وما سوى ذلك مما قلّ منه أو كثر، وهي حتماً شحنات تستنزف الجهد أما وقد تلاشت تخصيصاً أو تبديلاً فلعل المحتوى المعرفي يحظى بود!
وكفاءة التشغيل حتماً لا تعني أولياء الأمور وما يعنيهم هو مخرجات التشغيل في معارف الطلاب وسلوكهم! وتطوير الفكر الإنساني عند الطلاب، حيث هو المحرك للثروة البشرية، حيث إن التعليم قوة لا حدود لها وتلك القوة تكمن في غزارة المعرفة ومن ثمّ إدارة أحوال مؤسساتها بقوة من خلال تشريعات عليا؛ وعند ذاك يكون الثناء على الطلاب للعمل الجاد والتركيز على الإستراتيجيات المتبعة للقيام بعمل يسفر عن عقول نامية قابلة لمواجهة التحديات وأن يمس التغيير وعي الطلاب وحسهم وفكرهم تجاه الحياة. وأن تكون عمليات بناء المهارات ليست تجميعية، بل تصنع للطلاب مزيجا من التلاؤم مع كونهم مواطنين مسئولين في مجتمعاتهم وأوطانهم ودوائرهم الأسرية لينقلهم التعليم إلى مفاهيم دقيقة وعميقة جداً تسندهم في التعامل مع أعماق الأشكال التي تستولد منها أغراض حياتهم وطموحاتهم؛ ولتحقيق ذلك لا بد من فهم الصورة الكلية الكبيرة ومعرفة ما يحقق النسخ الجديدة للتطوير الشامل؛ ودون ذلك الفهم النظري يكون مستحيلاً إجراء أي توقعات موثوقة، ووضع خطط تتمتع بفرص كبيرة للاستمرار فلم يعد اكتساب المعرفة أولوية بقدر اختراع تلك المعرفة..!
والمحتوى التعليمي يعد شبكة عمل تتكون من عدة مسارات ذات اختيارات متعددة وهو الأس والأساس؛ والالتفات للمدرسة كمحضن للعقول يجب التركيز فيه على الطلاب وأن نمنحهم مفاتيح الأبواب المغلقة؛ وبما أن التعريف العميق للتعليم (أنه التفاعل المعرفي بين ملق وهو المعلم ومتلق وهو الطالب) فأرى أن ينصب التركيز «التطويري على هذين القطبين الأساسيين وما بينهما من محتوى معرفي غزير، فالمدارس تستنبتُ العلماء والمفكرين» وأجزم أن إستراتيجيات التنفيذ حظيت باهتمام الوزارة يتصدرها إعداد الناقل التربوي المتميز «المعلم» وهذا القطب يلزمه مراجعة خطط الإعداد المعرفي والتطبيقي في الكليات التربوية، فالتدريب أثناء الخدمة يصقل المعرفة ولكنه حتماً لا يوجدها! كما أن واقع تدريب المعلمين أثناء الخدمة لم يسفر عن نتاج ولا نتائج مشجعة إلا لُماماً..
ومن مراقي التنفيذ رعاية التقويم والاختبارات التحصيلية التقييمية والتقويم الصحيح يولد الإقناع الوطني بأننا نحقق تقدما! ولذلك نتمنى أن يكون الاعتماد المدرسي المبني على التقويم الصحيح قاعدة تأسيسية لتعزيز الثقة في العملية التعليمية والعاملين عليها وترقية مخرجات الطلاب! وختاماً فإن واقع المعرفة يستلزم وضع تصور واسع للكفاءات المعرفية التي تتطلب التعددية التخصصية بمعنى طرح وتحفيز أساليب جديدة للتفكير قد لا تستوعبها التخصصات الفردية!
«وعند الصباح يحمدُ القوم السُّرى»