هياء الدكان
عبارة دارجة بين الناس، تُقال من باب المحبة، وبين الأحبة، ولمن لهم قدر ومكانة عالية في القلب. فإذا قال أحدهم: «اشتقت لك»، قد يُرد عليه: «تشتاق لك العافية».
ولو تأملنا في هذه العبارة، لوجدنا أنها تحمل شيئًا من التناقض! فهل تشتاق العافية إلا لمن فقدها؟ وكأن المتحدث -دون قصد- يدعو على من يحب بفقدان العافية! وقد يكون ذلك غريبًا، أو حتى مضحكًا.
والأجمل والأصوب أن يُرد عليه بعبارات مثل: «وأنا أكثر»، أو «ونحن كذلك اشتقنا لك»، فهي تفيض بالمحبة وتحمل نفس المعنى، بل ربما أجمل.
وبما أننا نتحدث عن الاشتياق، فكم تمر الأيام سريعًا ويقل تواصلنا مع من نحب من أقارب وأصدقاء، زملاء وجيران. لقد غيّرت مشاغل الحياة وسرعتها كثيرًا من عاداتنا، حتى أصبح البعد عادة!.
والغائب لا يُفقد! أو تفكر فيه وهو لا يعلم، لأنك لا تتواصل معه مطلقاً.
ولذلك، أقترح عليك فكرة بسيطة وعظيمة الأثر:
عاهد نفسك ألّا تترك من تحب دون تواصل.
كلما خطرت ببالك ذكرى لشخص عزيز أو موقف جميل، بادر برسالة، أو مكالمة، أو حتى بصورة لفكرة جمعتكما ذات يوم.
قل له ببساطة: «اشتقت إليك»، أو «أحببت أن أسمع صوتك».
وإن استطعت اللقاء أو الزيارة، فذاك أطيب وأقرب للقلوب.
التبسم عند لقاء الناس، ونشر السلام بقول: «السلام عليكم ورحمة الله»، معانٍ عظيمة، تبادل الأطباق بين الجيران سنة نبوية وهديٌ من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي أوصانا بالجار. كما أن دعم أصحاب وصاحبات أفكار اللقاءات العائلية ومساندتهم، وكذلك تقديم هدية للكبار من العائلة مع كتابة بطاقة إذا كان والدك أو والدتك هو القريب لهما اكتبي أو اكتب كلمة حلوة ثم ذيلها باسم ابن أخيك أو ابن أختك وإن كانت متوفاة أضف - رحمها الله - ثم اكتب اسمك وفاء وتواصل ورحمة، كل ذلك من صور البر والإحسان الجميلة.
بهذا نعيد خيوط المودة، وننشر شيئًا من البهجة والمحبة، فالكلمة الطيبة صدقة، والتواصل صلة، والنية الصادقة عمرٌ آخر.
ومن الجمال أيضًا أن نحتوي أحبتنا بالدعاء، من عرفناهم ومرّوا في حياتنا، سواء كانوا معنا أو غابوا.
لا تنسهم من دعائك، خصوصًا في أوقات الاستجابة، فلعلها ساعة لا تُرد.
الدعاء وفاء، والاشتياق الصادق أسمى صور المحبة.
فلا تغفل عمن تحب، والله معك دائمًا.