محمد بن عبدالله العمري
تدور السنون وتتعاقب العقود، ولا زالت سياسة المملكة العربية السعودية ثابتة على نهجٍ راسخٍ: فعل يسبق القول، ودعم يتبعه دعم، ومواقف تتبعها مواقف. قيادة حكيمة تضع الهدف نصب عينيها وتجعل العمل المخلص هو محور كل قرار. لم يكن مستغرباً – ولن يستغرب المنصف – أن تقف المملكة إلى جانب أشقائها من الدول العربية والإسلامية دون شعارات وخطب رنانة ووعود كاذبة كما هو نهج البعض ، والأمثلة على ذلك كثيرة، وسوريا الشقيقة خير شاهد على هذا النهج. وفي وقتٍ اكتفى فيه البعض بالشعارات والخطب الرنانة والوعود الوهمية، تركت السعودية تلك الأساليب لخبراء المزايدات، واختارت مسار التخطيط والإنجاز الفعلي. ففي الملف السوري، عملت المملكة بهدوء وعقلانية، مستخدمة قوتها السياسية والاقتصادية وقوتها الناعمة لدعم الشعب السوري، سواء عبر تقديم المساعدات الميدانية أو من خلال جهودها في رفع العقوبات وتخفيف المعاناة عن السوريين.
لقد تجلت هذه الجهود بوضوح في السنوات الماضية، سواء عبر المساعدات الإنسانية التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أو من خلال تحركات المملكة الدبلوماسية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، وهو ما تُوج بقرار عودتها إلى جامعة الدول العربية بدعم سعودي قوي وغيرها من مجالات الدعم.
ولكن ومن بين محطات الدعم السعودي اللافتة، ما جرى خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة، حيث كان ملف تخفيف العقوبات عن سوريا حاضراً ضمن أجندة اللقاءات الرسمية، في مؤشر يعكس مدى حرص القيادة السعودية على حماية المصالح العربية وتخفيف الأعباء عن الأشقاء.
واليوم، نشهد مرحلة نوعية جديدة في هذا الدعم، إثر انعقاد منتدى الاستثمار السعودي – السوري في دمشق، بمشاركة أكثر من 130 رجل أعمال ومسؤول، بهدف مناقشة فرص الاستثمار وبناء المشاريع التنموية التي تفتح أبواب التوظيف وتنعش الاقتصاد السوري.
فقد كان المنتدى رسالة واضحة بأن المملكة تعمل على نقل سوريا من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة البناء والتنمية، من خلال شراكة استراتيجية تستهدف مستقبل الأجيال القادمة.
الخاتمة:
من الإغاثة إلى السياسة، ومن السياسة إلى التنمية، تثبت السعودية مرة أخرى أن قوة الفعل أبلغ من أي خطاب، وأن رؤيتها في دعم الأشقاء تقوم على استراتيجيات واقعية وخطوات مدروسة. ومع مؤتمر الاستثمار، تفتح المملكة وسوريا معاً صفحة جديدة من العمل العربي المشترك، عنوانها الأبرز: البناء للمستقبل، بلا شعارات، بل بإنجازات ميدانية ملموسة.