كاتب فهد الشمري
خمسة وتسعون عاماً مضت تحولت الصحراء فيه إلى بساتين خضراء، خمسة وتسعون عاماً وعلم التوحيد يرفرف خفاقاً عالياً شامخاً رغم الظروف التي عاشتها المملكة بين فترة وأخرى، إلا أنها ظلت ولا تزال تسير في خطىً ثابتة في درب الكفاح والنجاح الذي خطه من أول يوم المؤسس طيب الله ثراه الملك عبدالعزيز آل سعود ومن سار على نهجه في الحكم حتى هذه اللحظة التي يقود فيها زمام الأمور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله.
ويعود الاحتفال باليوم الوطني إلى 17 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م، حينما أصدر الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مرسومًا ملكيًا بتوحيد أجزاء الدولة السعودية الحديثة وتسميتها المملكة العربية السعودية. هذه الخطوة التاريخية لم تكن مجرد تغيير اسم، بل كانت بداية لتحول شامل أسس لدولة قوية وموحدة. على مدار 95 عامًا، استمرت المملكة في رحلة بناء وتنمية، مدعومة بطموح قيادتها وشعبها، لتصبح اليوم لاعبًا رئيسيًا على الساحة الدولية.
خمسة وتسعون عاماً نفخر بها ونعتز بها ونحن نعيش الأمن والاستقرار والنماء والازدهار، ونحن نرى المملكة وهي قبلة للعالم من مختلف أصقاع الأرض، ونراها وهي تتصدر الواجهة الإعلامية في كل القنوات والصحف ووسائل الإعلام المختلفة، والجميع يتحدث عنها، وكأنها معجزة تجري على الأرض، وما كان ليكون إلا بفعل التنظيم والحنكة والشجاعة التي وهبها الله للأسرة الكريمة الحاكمة التي تمشي وفق مخططات وإستراتيجيات مدروسة ومرسومة منذ ذلك العهد، يقابلها التوفيق من الله تعالى.
خمسة وتسعون عاماً تستحق أن تكتب بحروفٍ من ذهب، ففيها تغيرت خارطة العالم، وولد اسم جديد في الجزيرة العربية اسمه المملكة العربية السعودية، ليعلم العالم بأسره أن المستحيل يمكن صنعه، والصعب يمكن تجاوزه، وما لا يمكن تصوره صار يرى بالعين المجردة، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا بفعل إرادة صلبة وشجاعة لا مثيل لها، وحكمة قلما توجد في هذا الزمن من قبل ولاة الأمر حفظهم الله.
خمسة وتسعون عاماً والمملكة تسير من الحسن إلى الأحسن، ومن تقدم إلى رفعة وشموخ، رغم كل العواصف التي تحدث من هنا وهناك، فلكم تعرضت المملكة للقدح من الأقلام المغرضة، وللتشكيك من الألسنة الحاقدة، وللتشويه من الإعلام المعادي، ومع ذلك فهي تسير دون مبالاة لما يقال أو يذاع، فواثق الخطوة يمشي ملكاً، مهما علا وارتفع نباح الحاقدين، فضوء الشمس لا تحجبه الغمام، ومسيرة النماء لا يوقفها أحد، طالما إرادة القيادة السياسية عازمة عليها وماضية في تحقيقها.
خمسة وتسعون عاماً والمملكة بخير وقيادتها بخير ورجال أمنها في خير وشعبها في خير، والآمال معقودة على القيادة الشابة المتمثلة في ولي العهد حفظه الله بالمضي وفق المخطط الذي رسمه المؤسس منذ أعلن عن قيام الدولة السعودية المباركة، التي كانت وما زالت محور اهتمام العامل أجمع، وهذا اليوم يأتي باحتفالاته الرسمية والشعبية تحت شعار (عزنا بطبعنا).
خمسة وتسعون عاماً ويدي المملكة ممدودة لكل الأشقاء والأصدقاء، فهي الدولة المانحة وهي الدولة الداعمة لقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وهي الدولة التي تقرأ ما بين السطور، وتدرس حركات وتحركات العالم المحيط بها، وهي الدولة التي تصنع من العقبات معجزات، ومن المستحيل طرقات معبدة لتصل إلى الغاية التي ينشدها مواطنوها والمقيمون عليها، وهي الدولة التي تعمل بصمت وتصل إلى قمة النجاح دون ضوضاء، وما تلك التطورات في جميع المجالات الصحية والقضائية والعدلية التي قفزت بها المملكة قفزات عالمية في كل المجالات التقنية وتعديل الأنظمة بما يخدم مصالح المتقاضين، والتكنولوجيا المتقدمة والتطور التقني إلا خير دليل على تلك النقلات النوعية والقفزات التاريخية، وشهد بذلك كل من عاش أو زار المملكة في الآونة الأخيرة.
خمسة وتسعون عاماً وشعار المملكة العطاء بلا حدود، وهي نفسها التي تنشد السلام وتدعو إليه وتسهم في صناعته، رغم أنها تعيش في محيط كله مضطرب، والمنطقة تعيش حروباً والعالم على شفا حروب هنا وهناك، وتبقي المملكة هي الداعية الأولى للسلام، وهي من تصنع العهود والمواثيق مع أشقائها لحماية أنفسهم والدفاع المشترك الذي يضمن حماية مصالحها وآخرها دفاع الأمن المشترك بينها وبين باكستان.
حفظ الله المملكة وولاة أمرها ورجال أمنها وشعبها من كل سوء، وحق لنا أن نفخر بوطن كله إنجازات، وحق لنا أن نفخر بتاريخ مرصع بالذهب، وحق لنا أن ننشد السمو الكامل طالما لدينا قيادة تصنع المعجزات وترسم السياسات التي توصلنا إلى القمة، وخمسة وتسعون عاماً وشعارنا (عزنا بطبعنا)، وأدام الله عزك يا وطن.