إبراهيم بن سعد الماجد
إنه الراحل الزاهد التقي النقي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ، نعم كان سمحا، تقيا، نقيا، عفيف اللسان واليد، عطوفا، واصلاً باذلا.
عَزَاءٌ فَمَا يَصْنَعُ الجَازِعُ
وَدَمْعُ الْأَسَى أَبَدًا ضَائِعُ
بَكَى النَّاسُ مِنْ قَبْلُ أَحْبَابَهُمْ
فَهَلْ مِنْهُمُ أَحَدٌ رَاجِعُ
تَدَلَّى ابْنُ عِشْرِينَ فِي قَبْرِهِ
وَتِسْعُونَ صَاحِبُهَا رَافِعُ
وَلِلْمَرْءِ لَوْ كَانَ يُنْجِي الْفِرَا
رُ فِي الْأَرْضِ مُضْطَرَبٌ واسعُ
يُسلِّمُ مُهْجَتَهُ سَامِحًا
كَمَا مَدَّ رَاحَتَهُ الْبَائِعُ
وَكَيْفَ يُوَقَّي الْفَتَى مَا يَخَافُ
إِذَا كَانَ حَاصِدَه
رحل سماحته، ورحلت السماحة التي كانت عنواناً لعلمه وأدبه ووصله.
إن تعجب فمن رجل مُثقل جسده، بالكاد يخطو ومع ذلك يجيب الدعوة، ويأتي يتهادى بين رجلين لدقائق ابتغاء الأجر ليس إلا للعلماء.
قال عمر -رضي الله عنه-: «موت ألف عابد أهون من موت عالمٍ بصير بحلال الله وحرامه
وقال الإمام أحمد -رحمه الله- في وصفهم: «يدعون مَن ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم مِن قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم مِن ضال تائه قد هدوه».
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «مِن عقيدة أهل السُّنة والجماعة: أنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة.
ملايين تدعو والقلوب كسيرة
ويسعفها دمع ويخذلها صبر
تقول مضى الشيخ العفيف إزاره
وخر من العلياء في ليله البدر
لو نظرنا إلى نشأة الشيخ - رحمه الله- لرأينا عجبا! فقد كانت والدته - رحمها الله - من تولى تربيته والعناية به كون والده توفي والشيخ لم يبلغ التاسعة من عمره، فمما ذكر الدكتور هشام آل الشيخ حفيدها في ذلك أن والدة الشيخ سارة بنت إبراهيم الجهيمي السهلي كانت تذهب به للصلاة في المسجد وتنتظره حتى ترجعه للبيت لكونه كفيف البصر، واعتنت به في طلب العلم حتى بلغ ما بلغ بفضل الله ثم بحسن تربيتها، والدة عُرفت بصلاحها وتقواها لربها، فقد حجت 40 حجة، وكانت تلزم المسجد الحرام طوال شهر رمضان معتكفة، فأثمرت تربيتها هذا العالم الجليل التقي الورع العفيف.
في جامع الرياض الكبير كما في مسجد نمرة اشتهر الشيخ بخطبه التي قد نسميها خطب الأمة، حيث كانت معالجته لقضايا الأمة بصوته الجهوري، ووقفته الشامخة، فقد كان كما يُقال: يهز المنابر.
نرثي القادة والعلماء ونحزن لفقدهم، لكون فقدهم لا يعني أسرهم فحسب، بل يعني الأمة بأسرها، ولكننا مع كل حزن وأسى، نثق بحسن العوض من الله.رحم الله أبا عبد الله ورضي عنه وأرضاه، وأحسن عزاء خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والعلماء وطلابه وعموم الشعب السعودي والأمة جمعاء.