رمضان جريدي العنزي
لا تغتر بزينة الدنيا ونعيمها الفاني، فهي كالظل العابر، وكالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجد شيئا، الدنيا دار عبور لا قرار، تزين لك اليوم وتخذلك غدا، ففيها من الحوادث ما يوقظ النائم، ومن الشواهد ما ينبه الغافل، كم من عزيز أذلته، وكم من غني افتقر، تزين وجهها بألوان الفتنة، تغريك بالمال والجاه، وتلهيك بالمتع الزائلة، الدنيا مسرح للحوادث، تحمل في طياتها قصصا تروى، وشواهد ترى، فلا تركن إلى بريقها، ولا يفتنك زخرفها وبهرجتها، هذه الدنيا لا ترحم من يركن إليها، بل تقلب أحوالها كما يقلب الريح أوراق الشجر، يوما ترفعك إلى السماء، ويوما تهوي بك إلى الحضيض، فلا تأمن مكرها ولا تعلق قلبك بحبالها الواهية، بل اجعل قلبك معلقا بما يبقى، فالعمل الصالح نور يضيء دربك، والتقوى زاد لا ينفد، وتزود منها بالعمل الصالح، فإنه الرصيد الذي لا ينفد، والنور الذي لا يخبو، والعاقل من يسمع صوت الحق ويتعظ قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}، وقال تعالى أيضاً: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
مرفأ
سنبلة القمح تعطي من خيرها دون أن تسأل من يأخذ منها، وتظل شامخة حتى في انحنائها، العطاء الحقيقي لا ينتظر جزاء ولا ثناء، ففي كل عمل نبيل تعمله، تكمن حياة، وتكمن سعادة، وفي كل كلمة طيبة، ينبت أمل جديد، ويزدهر حلم جميل، فكن أنت كالسنبلة لا تبحث عمن سيحصد، فالعطاء بلا مقابل هو الضوء الذي ينير الدروب المظلمة، والفجوج المعتمة، وكلما أعطيت بلا مقابل، صرت الحقل، والحبة، والحياة.