د. سطام بن عبدالله آل سعد
بين ملحقٍ لا يرحم ومنتخبٍ يعيش أسوأ فتراته، يدخل الأخضر مهمةً معقّدة هي الأصعب في تاريخه؛ إذ يستهل مشواره في الملحق الآسيوي المؤهِّل إلى نهائيات كأس العالم 2026 أمام إندونيسيا، ثم يواجه العراق ضمن مباريات المجموعة الثانية التي تستضيفها المملكة.
ومن الإنصاف القول إن المنتخب السعودي، خلال المباريات الأخيرة، لم يقدِّم أداءً يليق بمكانته وتاريخه؛ لا على مستوى النتائج ولا جودة العناصر، حيث بدت خطوط الوسط والهجوم هشّة، بلا حلول هجومية مقنعة ولا صلابة دفاعية كافية، ما يجعل طموح التأهل إلى المونديال -حتى عبر الملحق-أقرب إلى الوهم منه إلى الواقع. ويعزِّز هذا الحُكم مستوى الأداء الراهن والأسماء المتاحة.
والمتابع للمنتخب الإندونيسي يدرك أنه فريق متطور وسريع، يملك لاعبين قادرين على إنهاك أي خط دفاع غير منظم. وتُعد مباراتنا الأولى أمامه الاختبار الأصعب، فالخسارة تعني فقدان الأمل مبكرًا. أما المنتخب العراقي، فهو خصم يعرفنا جيدًا، وقوي بدنيًا، ويلعب بروح قتالية عالية، ما يجعل مواجهته بعد ستة أيام اختبارًا أكبر لقدرة الأخضر على الصمود ذهنيًا وبدنيًا.
حتى مع هذه الصورة القاتمة، يبقى أمام المنتخب مسار وحيد يمنحه فرصة واقعية، وهو التحكم في التفاصيل الصغيرة. فالاستعجال في الهجوم الكثيف منذ البداية سيكون كارثيًا، لأن المرتدات الإندونيسية سريعة وقاتلة. ومن هنا فالمطلوبُ خطةٌ محكمةٌ تُدارُ بأسلوبِ لعبٍ متوازنٍ يحدّ من سرعةِ الخصم بالاستحواذِ الذكيّ، ويمنعُ استقبالَ هدفٍ مبكّرٍ يربكُ الحسابات. كما أن التركيز الدفاعي الصارم في الخط الخلفي ضرورة قصوى، فأي خطأ فردي قد يُكلف بطاقة التأهل. وعلى اللاعبين أن يدركوا أن القتال حتى آخر دقيقة هو ما يطالب به الجمهور؛ فهو لا ينتظر كرة جميلة بقدر ما ينتظر فريقًا ينتزع الفوز ليتأهل.
ولو تأملنا التأهل من زاوية أخرى، يبرز تساؤل؛ هل يستحق هذا الجيل من اللاعبين أن يمثِّلنا في كأس العالم؟ الحقيقة المؤلمة أن المستويات الحالية لا تشرِّف، ولا تعكس قيمة الكرة السعودية. ومع ذلك، قد يكون خوض الملحق بتركيز وانضباط فرصة لاختبار شخصية المنتخب أكثر من كونه غاية بحد ذاتها. فالتحدي الحقيقي لا يكمن في مجرد الوصول إلى المونديال، إنما في القدرة على المنافسة وإثبات الذات.
الأخضر اليوم أمام منعطف خطير؛ فإما أن يطرق باب الملحق بقوةٍ ويعبر أو يطرق باب الملحق الآخر ويعتذر.