إبراهيم بن يوسف المالك
القوة الحقيقية في القيادة لا تُقاس بعدد الأوامر الصادرة، ولا بحجم المنصب أو المكتب، بل تُقاس بقدرة القائد على استخدام كلماته بحكمة، ووعيه بتأثيرها على من حوله. فالكلمة الصادقة، أو الاعتراف بالخطأ، أو طلب المساعدة، قد تبني ثقة تفوق ما تبنيه أعوام من الخطط والقرارات.
القادة الأقوياء لا يخشون قول: «كنت مخطئًا»، لأنهم يدركون أن الاعتراف بالخطأ لا ينتقص من هيبتهم، بل يرفع من احترامهم في عيون الآخرين. ولا يترددون في قول: «علّمني»، لأنهم يعلمون أن القائد المتعلم هو من يملك الشجاعة ليبقى تلميذًا مدى الحياة.
هؤلاء القادة لا يسعون لفرض آرائهم، بل لخلق بيئة حوار مفتوحة. يسألون فرقهم: «ما رأيكم؟» ليس مجاملة، بل إيمان بأن الحكمة لا تنحصر في رأس واحد. إنهم يمنحون الثقة بدل الخوف، ويزرعون الاحترام بدل الصمت، لأنهم يعلمون أن القيادة ليست سيطرة، بل تمكين.
القائد القوي لا يرفع صوته ليُسمع، بل يرفع من مستوى إنصاته ليفهم.
إنه يدرك أن الكلمة اللطيفة قد تفتح الأبواب المغلقة، وأن كلمة «شكرًا» الصادقة تُعيد الحماس لفريق كامل.
وعندما يقول لموظف: «أنا أثق بك»، فإنه يمنحه وقودًا من الولاء والانتماء لا يمكن شراؤه. القوة في القيادة ليست في الصرامة، بل في التوازن بين الحزم والرحمة. فالقائد الذي لا يثق إلا بنفسه سيقود مؤقتًا، أما من يثق بفريقه فسيبني أثرًا طويل المدى.
نعم، القادة الحقيقيون يتحدثون أقل، لكن كلماتهم تُحدث فرقًا أكبر. لأنهم يدركون أن الكلمة يمكن أن تبني جسورًا من الثقة، أو تترك جرحًا لا يلتئم. ولذلك فإنهم يختارون كلماتهم بعناية، كما يختار القائد الحكيم خطواته في طريق النجاح!