د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تمر أسواق النفط العالمية بتغيرات وتحولات فقد انخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة من ستة ملايين برميل يوميا إلى خمسة ملايين برميل يوميا في 2008، تحولت الشركات الأمريكية إلى الاستثمار في النفط الصخري الخفيف ذي التقنية الجديدة حتى وصل إنتاج الولايات المتحدة 13.5 مليون برميل يوميا، أضافت تغيرا كبيرا في الوضع الجيوسياسي للولايات المتحدة، لكن خلال العامين الماضيين حصلت تغيرات مهمة في قطاع النفط الصخري وتقليص الاستثمارات في تطوير آبار جديدة، ما يعني أنخفاض الإنتاج خلال الأعوام الخمسة المقبلة، فيما اتجهت الاستثمارات نحو إنتاج المناطق العميقة في المحيط الأطلسي، وتزيد استثماراتها في الأحواض الموعودة.
تشدد السعودية على أهمية تحقيق أمن الطاقة باعتباره أساس الازدهار الاقتصادي، خلال مشاركة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في أسبوع الطاقة الروسي 2025 في نسخته الثامنة بمشاركة 84 دولة لمناقشة قضايا تتعلق بتعزيز أمن الطاقة وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة في موسكو ضمن جلسة حوارية بعنوان أسواق الطاقة العالمية.. تحول العلاقات وتوازن المصالح شدد الأمير عبدالعزيز على أهمية تحقيق أمن الطاقة باعتباره أساس الازدهار الاقتصادي، وعندها يمكننا الاهتمام بقضايا مثل تغير المناخ مؤكدا أن على كل دولة أن تدافع عن ازدهارها.
وفي غضون ذلك صرح الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص أن النمو الاقتصادي والنمو السكاني والتحضر جميعها تشير بوضوح إلى أن العالم سيحتاج طاقة أكبر بكثير مما يستهلكه اليوم، متوقعا نموا بنسبة 23 في المائة في الطلب على الطاقة الأولية بحلول عام 2050 بنحو 120 مليون برميل يوميا، من مستواه الحالي 102.2 مليون برميل يوميا، وسيظل النفط يمثل 30 في المائة من مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2050، فيما يمثل حاليا 30.9 في المائة من مزيج الطاقة العالمي، بينما تبلغ حصة الغاز الطبيعي 23 في المائة سترتفع بحلول منتصف القرن إلى 24 في المائة في حين لا تمثل الطاقة المتجددة حتى الآن من الشمس والرياح أكثر من 3.2 في المائة، ومن المتوقع أن تصل 14 في المائة في 2050، رغم أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في التحول الطاقي على مدى العقدين الماضيين، فطاقة الرياح والشمس لا تزال الآن توفران ما لا يقل عن قليلا عن 4 في المائة من طاقة العالم، كما ان المركبات الكهربائية على مستوى العالم لا تزيد على 2 في المائة إلى 3 في المائة وذكرت بلومبيرج أن سيناريو الانبعاثات الصفرية سيكلف العالم 250 تريليون دولار بحلول عام 2050.
خصوصا في القطاعات التي يصعب فيها التحول إلى الطاقة المتجددة مثل الطيران والشحن، بموازاة ذلك من المتوقع ان يشهد الغاز الطبيعي زيادة في الطلب باعتباره وقودا نظيفا نسبيا مقارنة بالنفط والفحم، وخطة السعودية تجسير العلاقة بين استخدام الطاقتين التقليدية والمتجددة والتي تقوم على التخفيض التدريجي العادل والمنظم والمنصف في استخدام مصادر الطاقة التقليدية، ولا سيما أن عديدا من الدول المستهلكة، وليست المنتجة فحسب غير قادرة على التخلي عن هذه المصادر لعدم وجود بديل مجد لديها حاليا، رغم أن العالم يشهد اضطرابات، لكن أوبك لديها القدرة على إبعاد كل هذا الضجيج عن التحليل الفني السليم والمفصل الذي تجريه أوبك.
هناك آلية جديدة اعتمدتها أوبك + لتقييم الطاقة الإنتاجية القصوى للدول الأعضاء بانها تمثل نقطة تحول وعادلة وشفافة وستساعد في نهاية المطاف على استقرار الأسواق، وتعد مكافأة على الذين يستثمرون في الإنتاج، وهذه الآلية تستخدم في تحديد خطوط الأساس للإنتاج ابتداء من عام 2027 التي تحدد بناء عليها حصص الإنتاج.
** **
- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية بجامعة أم القرى بمكة