بينما كنت أتجول في كورنيش جدة الجميل ومنظر البحر الخلاَّب والشمس تغوص فيه شيئاً فشيئا في جو ساحر أخاذ وبنسمة بحر تنعش الأنفاس والطيور ترفرف فوق البحر بأشكال مختلفة وبجو هادئ يدعو للاسترخاء والتمتع بهذه المناظرالرائعة حتى انكسرت هذه اللوحة الجمالية بصوت مجموعة كبيرة من الدبابات وأصوات بلهجات غير مفهومة قد تكون إفريقية ويتعالى الصياح بينهم وبين أحد المواطنين وبجواره أسرته وأطفاله طالباً منهم الرحيل من جانبه حيث كانوا يقومون بحركات بهلوانية خطرة بجانب أطفاله ونسائه، وطلب منهم بلطف بقوله: (لو سمحتم ابتعدوا من هنا.. هذا ممكن يؤذي الأطفال يا شباب)، فرد أحد أصحاب الدبابات يلبس قبعة إفريقية قائلاً: (كورنيش أبوك هذا؟) وبدأ الاشتباك اللغوي بينهما وتجمعت الدبابات على هذا المواطن الذي تغلب عليه ملامح الهدوء والسلام ونظرت لهم محدثاً نفسي هل حقاً أنا في جدة؟ فسارعت بالاتصال على 999 بعد انتظار رد أحدهم وأبلغته أن هناك مشكلة على الكورنيش عائلة سعودية تتعرّض لمضايقات أصحاب الدبابات، بل اشترك أصحاب الجمال والخيول، فأفادني بأنه سيرسل دورية في الحال وبعد أكثر من نصف ساعة جاءت الدورية وكانت المشكلة قد انتهت وذهب المواطن إلى حال سبيله وضغطه وسكره مرتفعان، وبقي أصحاب الدبابات فأبلغت الدورية بأنني من أبلغت وشرحت له ما حدث ولم يبق من أطراف القضية إلا أصحاب الدبابات، فقال لي رجل الشرطة: شكراً لتعاونكم ونحن سنتصرف معهم.

فذهبت في حال سبيلي، ووجدتهم في اليوم الثاني نفس أصحاب الدبابات موجودين على الكورنيش يمرحون ويلعبون بالدبابات أكثر من ذي قبل، مع العلم بأن كورنيش جدة جميل جداً شمالاً، أما كورنيش الحمراء فيتطلب تعديلات قد لا تكون كبيرة لكنها مهمة في المنظر الجمالي وهذا دور بلدية جدة.