هذا المبلغ الكبير جداً لن تجده في ميزانية إحدى الشركات التنموية العاملة بجد ونشاط لتقديم أفضل وأرقى الخدمات. كما إنك لن تجده مستثمراً في عمل يدر على صاحبه ومجتمعه الخير الوفير.. هذا المبلغ بكامله (سراب)، بمعنى آخر مهدر بل ويشكل عبئاً كبيراً على كاهل الوطن الغالي ومواطنيه.
كيف حدث ذلك؟ في آخر إحصائية صادرة عن الحوادث في المملكة تقول إن ملياري ريال خسائر الحوادث في المملكة سنوياً.. هذه النواحي المادية، أما النواحي البشرية فأكثر من 1500 ما بين قتيل وجريح.. ومشوه ومشلول.
وأقول إن مثل هذه الإحصائيات ربما تصدق بها إذا كانت على أرض الحروب الطاحنة والقصف المروع واللهب والنار على قدم وساق. عندها لن تستغرب مثل هذه الأعداد وحتماً تجزم بها وتسلم لها.
فماذا نقول إذا كانت هذه الأرقام والإحصاءات في بلد آمن مطمئن بل هو بلد السلام. من المسؤول عن هذا العبث، وهذه الأموال المهدرة والطاقات المعطلة..؟ لا شك أن الجميع مسؤول وتتفاوت المسؤولية حسب الدور والأهمية.. فالأسرة مسؤولة.. امتداداً من الأب والأم والمحيط العائلي الذي ينشأ منه باكورة الإنسان الأولى وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه، ثم يأتي دور المربي في المدرسة والمسجد.. ويقوم الإعلام بعد النضوج للعقل بدور الراعي الإعلامي للناشئة. وهذا الراعي يقع عليه مسؤولية جبارة أرجو أن يكون لها أهل. يأتي عقب هذا وذاك دور الجهات المسؤولة الأمنية وهي شهادة حق أريد بها الحق، إنهم قد بذلوا أكثر مما هو مطلوب وللجهات الأمنية دور كبير وبارز في كافة الميادين والخطأ منهم مطمور في بحر إنجازاتهم. بقي عزيزي القارئ الكريم - دور آخر لم أذكره بعد، وهو دورك أنت.. نعم أين أنت من هذه المنظومة؟ هل أنت أب أم معلم أم رجل إعلام أم إمام لمسجد أم رجل أمن أم صاحب أعمال وتجارة أم مزارع وصاحب مهنة.. لابد أن يكون لك دور فأنت أبن من أبناء هذا الوطن لست بمعزل عنه.. وسلامة أبنائه ومريده هي منظومة أنت طرف فيها.. إن هذه الأموال الملقاة عبثاً على قوارع الطرق بين أكوام الحديد المتهالك.. ثروات نحتاجها ونفرح بسلامتها. وأولئك الذين غادروا هذه الدنيا بأسباب هذه الحوادث هم أبناؤنا وإخواننا.. ومن كتب له السلامة منهم ما بين ميئوس منه ومأمول في سلامته. أين روح الفريق الواحد أين الحفاظ على سلامة الآخرين، أليس لهم الحق في أن يعيشوا أسويا مثلنا؟.. فلماذا نكون سبباً في أفول شموسهم مع كامل إيماننا بقضاء الله وقدره، وأن لكل نفس أجلاً لا ريب فيه؟.
خلوفة بن محمد آل زيدان الأحمري
abo-anask@hotmail.com