Car Magazine Wednesday06/06/2007 G Issue 27
أقلام
الاربعاء 20 ,جمادى الاولى 1428 العدد27
سيّارة العُمر.. ما قيمتها؟!

ليست ألمانية الصنع، أو أمريكية أو يابانية.. وإنما هي خيال يحكمه مزاج؛ وحينما أنعم الله تعالى علينا بالثروة، وفتح علينا كنوز الأرض وبركات السماء عَلَتْ الهمم وكبر الطموح، ولم يكن ذلك العلو والكبر إيجابيين وإنما سلكا الطريق السَّلبي!

والذي لا يختلف عليه العقلاء أنَّ القادر على شراء السلعة يحق له أن يشتريها، والكفؤ للشيء من حقه أن يملكه.. والقادر والكفؤ سيحافظان على ما ملكا ويحسنان استخدامه ولا مشكلة هنا.

ولكن مأساتنا تكمن في عكس ذلك، فطلب (غير القادر) لما لا يقدر عليه أزمةٌ ومشكلة وعبء على الفرد والمجتمع.. وهو مصدر دخل وفرصة لفئة وجدت في بيع التقسيط فرصتها ووجدت عند غير القادرين بغيتها!!

كما أنّ امتلاك غير (الكفؤ) لما لا يستحقه وبالٌ ومشكلات لا حصر لها؛ وكثير من المشكلات المرورية والأمنية من أكبر أسبابها وجود سيارات بأيدي من لا يستحقونها وليسوا أهلاً لامتلاكها وهي بلاشك من (جيوب) غيرهم وهي عرق جبين الأب أو غيره ممن أكره على شرائها لهم.

وحينما يضجُّ كثيرٌ من الناس من انتشار ظاهرة التفحيط، والخطف، والتَّهور بالسيارات، ربما علموا أو لم يعلموا أنَّ تسعة وتسعين في المائة ممن يرتكبون تلك المخالفات هم من فئة من أعطي ما لا يستحق وملك سيارة لم يدفع من قيمتها ريالاً واحداً..

وكي لا ابتعد كثيراً عن عنوان المقال أعود إلى قصة (سيارة العمر)؛ وهي كما ذكرت أعلاه تختلف من شاب إلى آخر؛ فهي عند الأول يابانية وعند الثاني أمريكية، وعند الثالث كورية وهكذا ولكن القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب جميعاً هو:

1 - التعهد بالمحافظة عليها، ليطمئن من يشتريها لهم.

2 - الاهتمام الكبير بالشكل واللون وتغليبه على كل شيء!!.

3 - نسيان العهد بالمحافظة عليها والتهور من الأسبوع الأول أو الثاني.

4 - كثرة الفك والربط و(تطوير) الشكل ومتابعة ما يجد من أدوات الزينة وفي مقدمتها تظليل الزجاج.

وحينما يرى الشاب بيد غيره سيارة وليس لديه مثلها يسلك شتَّى السبل للحصول عليها؛ فمن ذلك ربط مواصلته للدراسة بتوفير تلك السيارة، ومن الحيل الوعود بخدمة الأهل وإغنائهم عن استقدام سائق، ومن الوسائل عدم وجود وسائل نقل توصله إلى مكان دراسته ثانوية كانت أو ما فوقها.. ووسائل أخرى يستغلها بعض الشباب للضغط على أهلهم بتوفير السيارة المطلوبة مهما غلا ثمنها!!.

ولكن المحزن والمؤلم أنَّ تلك الوعود سرعان ما (تتبخَّر) وتنتهي بمجرد شراء السيارة وتسليم مفاتيحها ل(فارس الزَّمان) الذي وعد بأنّ أغلى أمنياته امتلاك و(قيادة) (سيارة العمر)!!

وبعض أبنائنا لكي يدفعنا لتوفير طلبه يعطينا وعوداً معسولة بأنّ توفير تلك السيارة الجديدة بالمواصفات المحددة و(الموديل) المحدد سيريح الأهل لمدة خمس أو سبع سنوات وفيها لن يطالب بأي مصاريف صيانة أو تعديل أو إضافة و(على لغة الجامعات) أو حذف!!!!

وحينما يصدق ولي الأمر وعد (فارس الزَّمان) ويشتري السلعة المطلوبة تأتي المفاجآت تباعاً، إساءة في استخدام السيارة، وإهمال في صيانتها، وأعذار لا تُعَدُّ حينما يطلب منه خدمة والديه وأهله، وتبدو النتيجة المؤلمة: صار عمر السيارة سنة أو سنتين، وكثرت الطلبات ودخلنا في مشوار صيانة وإصلاحات سببها سوء الاستعمال!!

وهذه يا معشر القراء: سيارة العمر!! ويا لها من سيَّارة!!

ولكن فئة من شبابنا وأبنائنا قد وهبهم الله عقولاً راجحة، وشعوراً قوياً بالمسؤولية، ومستوى رفيعاً من الأمانة، فتجد الواحد منهم لا يتمسك بمواصفات محددة للسيارة التي يطلبها، لأنه يقدر تجربة غيره، ويثق في حديث والده، ثم إنه يحافظ على ما أوتي مهما كان شكله ولونه وقيمته.. وهذا الصنف ليس لنا معه مشكلات، ولا خطر منهم على الأمن، وكم تغمرنا السعادة حينما نراهم يقودون سياراتهم بعقل وهدوء والتزام بأنظمة المرور.

عبدالعزيز بن صالح العسكر al-delm190@maktoob.com


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة