سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

قرأت ما نشرته مجلة نادي السيارات في عدد يوم 12-1- 1428هـ من استطلاع لآراء بعض النساء العاملات حول قيادة المرأة للسيارة، واستوقفني مطالبة بعضهن بقيادة السيارة، بحجة تأدية أعمالهن بيسر وسهولة، والمحافظة على سلامة سياراتهن أكثر مما لو كانت بيد السائق الأجنبي.

وتعقيباً على ما سبق أقول: إن قيادة المرأة للسيارة مسألة عظيمة لها أبعادها ونواحيها الشرعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتحكمها المصلحة العامة للمجتمع، ولو نظرنا إليها بعين الإنصاف، وعرضناها على ميزان الشرع، وقدّرنا فيها المصالح والمفاسد، لوجدنا أن المصالح المرجوة منها مغمورة في مفاسدها الكبيرة، وكما هو معلوم من قواعد الشريعة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ووجوب سد الذرائع المفضية للفساد، ولهذا حرّم الله سبحانه الخمر والميسر، مع ما فيهما من المصالح، لغلبة المفاسد عليها، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}.

والقول بأن قيادة السيارة تيسر للمرأة تأدية العمل، قول لا واقع له، فالكثير من نسائنا طالبات وموظفات وصاحبات مهن مختلفة، ولم ينقل عن امرأة منصفة أن عدم قيادتها للسيارة كان عائقاً لها عن العمل أو الدراسة، وأما التبرير بأن قيادتها السيارة تغنيها عن مشاكل السائق الأجنبي، فواقع المجتمعات التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة، يؤكد وجود السائق لدى غالب الأسر فيها، ففي دراسة ميدانية، أشار إليها أحد الكتاب في الجزيرة يوم 20-4-1426هـ أن 80% من الأسر الخليجية يوجد لديها السائق.

وإذا كنّا نقدّر العواقب، وننظر في المخاطر، فقيادة المرأة للسيارة ستؤدي في الغالب إلى نزع الحجاب والحياء والاختلاط بالرجال وتمرد الفتاة وتعريضها للفتنة واعتداءات وتحرشات السفهاء، فضلاً عن الأعباء الاقتصادية والأمنية على الأسرة والدولة والمجتمع، ناهيك عمّا تسببه من ازدحام الطرقات وحوادث السير ومشاكل المرور، وغير ذلك مما لا يخفى على كل عاقل منصف، وإن أمرأ تنغمر مصلحته في تلك المفاسد والمخاطر لجدير بأن يهجر وينأى عنه، حماية لنسائنا ومجتمعنا. والله الموفق.