يأتي المطر، فيغسل الأرض، ويُطهر بصفائه القلوب، ويُنقي الجو من التلوث الذي ألحقه به بنو البشر.
والعرب تعشق المطر منذ الأزل، وقد فطروا على حبه أكثر من غيرهم من الأمم، فمنهم من صوره بأجمل الصور، ومنهم من وصفه بأروع الأوصاف، حتى اقترن بدفء مشاعرهم، فإذا اهتزت أعماق وجدان العربي، وخالجته عواطفه بذكر أحبابه، هتف داعياً لهم: (سقى الله ديارهم).
كذلك يتجلى شغف العرب بالمطر، وافتتانهم بسحره، من خلال رصد شعور الآباء والأجداد، وهم يتحدثون عن ذكرياتهم مع المطر، والنشوة تعلو محياهم، حينما يصفون روعة جمال السيل، في قوته وهيبته، وفي صوت هديره المدوي، وفي عنفوانه وهو يقتلع كل شيء من أمامه، كما يؤرخون للسيول الكبيرة للاستدلال على الأحداث المهمة في حياتهم.
وخلال الأيام الماضية عشنا لحظات جميلة مع المطر، لا يعكر صفوها سوى مشاهد الحوادث المؤلمة، والسيارات المتناثرة على طول المدينة وعرضها، والتي تهالكت بسبب بحيرات المياه التي غمرت بعض الشوارع والطرقات، والتي جاءت نتاجا لسوء تصريف السيول والمياه، فشكلت خطراً داهما على السيارات العابرة، خصوصا أن بعض الطرق كانت تحوي كمائن تشبه القنابل الموقوتة، فما أن تمر السيارة، حتى تسقط في حفرة، أو ترتطم برصيف تغطيه المياه، أو تهوي في قاع شق لأحد المشاريع التي لم يكتمل إنجازها، ناهيك عما قد يحدث لبعض صغار السن من حوادث الغرق نتيجة لهذه البحيرات، بالإضافة إلى ما قد تسببه المياه الراكدة، من تلوث للبيئة، وظهور للحشرات الطائرة والناموس التي تنقل معها الأمراض، وتنشر الأوبئة.
ولكي لا تتحول هذه اللحظات الجميلة، إلى أحزان ومآسٍ، أوجه ندائي أولا إلى الجهات المختصة، للاستفادة من فرصة مواسم الأمطار، للقيام بحصر مواقع تجمع المياه، لتشخيص المشكلة، ووضع الحلول الملائمة لكل موقع على حدة، وخاصة أن تجميع المياه غالبا ما يكون في نفس المواقع كلما نزل الغيث. كما أوجه ندائي للجهات الإعلامية، لتكثيف العمل التوعوي، بمخاطر القيادة في مواسم الأمطار، وتحذير السائقين من السرعة، وما قد ينتج عنها من انزلاقات للسيارات، تتسبب في حوادث كارثية كان يمكن تداركها لو توافرت التوعية اللازمة وفي الوقت المناسب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«52» ثم أرسلها إلى الكود 82244